بل المنفي فيما هو نفس الحرج أو الضرر من أي سبب حصل سواء كان منشأهما هو الحكم الشرعي أو موضوعه أو الحكم العقلي الاقتضائي كوجوب الاحتياط ، وهذا هو الظاهر من تعلق النفي بنفس الحرج أو الضرر ؛ إذ جعل المنفي وهو الضرر او الحرج عنوانا مشيرا الى الضار أو الموجب للحرج أو الحكم الشرعي خلاف الظاهر ، لأنّ لفظ الضرر أو الحرج اسم مصدر ، وليس عنوانا لغيره كالضار أو الحكم الشرعي العسري أو الضرري حتى يكون النفي راجعا الى الفعل الضرري أو الحرجي أو الحكم الشرعي.
ثم إنّ النفي هو نفي تشريعي بالنسبة الى نفس الضرر أو الحرج ، وليس اخبارا عن عدمهما ، وإلّا فهو خلاف الواقع ، والمقصود من نفيهما هو نفي أسبابهما من تجويز الضرر والاضرار والحرج والاحراج والحكم الضرري والحرجي والاحتياط الضرري أو الحرجي ، ففي الحقيقة هو نفي أسباب الضرر أو الحرج شرعا بنفي نفس الضرر والحرج شرعا.
لا يقال : إنّه لو كان المراد من نفي الضرر أو الحرج هو نفي نفس الضرر أو الحرج تشريعا لكان مفاد لا ضرر ولا حرج هو نفي حرمة الضرر ، كما هو الحال في مثل قوله عليهالسلام : «لا ربا بين الوالد والولد» ؛ فانّ المراد نفي حرمة الربا بينهما ، فلو كان المراد من قوله عليهالسلام : «لا ضرر أو لا حرج» نفي الضرر تشريعا لكان معناه نفي حرمة الاضرار بالنفس لا الغير ، وهذا مما لم يلتزم به أحد ؛ فانّ حرمة الاضرار بالغير أو بالنفس في الجملة مما لا كلام فيه ، فهذا المعنى مما لا يمكن الالتزام به في أدلة نفي الحرج والضرر.
فيدور الأمر بين أن يكون المراد من النفي هو النهي عن الاضرار والضرر بالغير أو النفس ، كما هو الحال في مثل قوله تعالى : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ) فانّ المراد منه هو نهي المحرم عن هذه الأمور.
أو أن يكون المراد من النفي هو النفي التشريعي ، بمعنى نفي الحكم الضرري أو الحرجي في الشريعة ، كما ذهب اليه الشيخ الأعظم قدسسره ، وهو الظاهر من أدلة نفي الحرج والضرر بقرينة ما