عن معاوية بن عمار عن رجل من أصحابنا قال كنت عند أبي جعفر عليهالسلام فسأله رجل عن الجبن فقال أبو جعفر عليهالسلام إنه طعام يعجبني فسأخبرك عن الجبن وغيره كل شيء فيه الحلال والحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام فتدعه بعينه. (١)
هذه الروايات متوافقة المضمون ولعل يرجع بعضها إلى بعض.
وكيف ما كان فالمحكي عن الشهيد إنّه استدل للبراءة بقوله عليهالسلام كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه.
وتقريب الاستدلال كما عن شرح الوافية انّ معنى الحديث انّ كل فعل من الأفعال التي تتصف بالحل والحرمة وكذا كل عين مما يتعلق به فعل التكليف ويتصف بالحل والحرمة إذا لم يعلم الحكم الخاص به من الحل والحرمة فهو حلال.
فخرج ما لا يتصف بهما جميعا من الأفعال الاضطرارية والأعيان التي لا يتعلق بها فعل المكلف وما علم أنه حلال لا حرام فيه أو حرام لا حلال فيه.
وليس الغرض من ذكر الوصف مجرد الاحتراز بل هو مع بيان ما فيه الاشتباه.
فصار الحاصل إنّ ما اشتبه حكمه وكان محتملا لأن يكون حلالا ولأن يكون حراما فهو حلال سواء علم حكم كلي فوقه أو تحته بحيث لو فرض العلم باندراجه تحته أو تحققه في ضمنه لعلم حكمه أو لا.
وبعبارة أخرى انّ كل شيء فيه الحلال والحرام عندك بمعنى إنّك تقسّمه إلى هذين وتحكم عليه باحدهما لا على التعيين ولا تدري المعين منهما فهو لك حلال فيقال حينئذ الرواية صادقة على مثل اللحم المشترى من السوق المحتمل كونه من المذكى أو الميتة وعلى شرب التتن وعلى لحم الحمير إن لم نقل بوضوحه وشككنا فيه لأنه يصدق على كل منها : إنّه شيء فيه حلال وحرام عندنا بمعنى أنّه يجوز لنا أن نجعله مقسما لحكمين فنقول إمّا حلال و
__________________
(١) الوسائل الباب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ح ٧ ، المحاسن : ٤٩٦ ، ح ٦٠١.