في محكي كلام المحقق النائيني بالموجبة المعدولة المحمول كقوله كن لا شارب الخمر فهو لا يتحقق إلّا بمجموع التروك فلو شرب الخمر ولو دفعة لم يتحقق هذا العنوان وهو عنوان لا شارب الخمر فإذا شك في مورد أنه مصداق ذلك أولا لا يجري فيه البراءة لأن الشك في المحصل واللازم فيه هو الاحتياط.
هذا كله بالنسبة إلى مقام الثبوت وأما بالنسبة إلى مقام الإثبات فالظاهر أن النواهي تعلقت بذات الطبائع وهو الصورة الثانية إذ لا تحتاج تلك الصورة إلى مئونة زائدة بخلاف إرادة صرف الوجود أو مجموع أفراد الطبيعة أو العنوان الانتزاعي.
ثمّ إن الطبيعة في الصورة الثانية ملحوظة بعنوان المرآة إلى أفرادها فينحل النهي إلى الأفراد المعلومة والمشكوكة فيجري البراءة في المشكوكة منها.
وهكذا الأمر لو تعلّق النهي بالطبيعة على نحو مطلق الوجود أي العام الاستغراقي فإن النهي فيه أيضا ينحل إلى المعلوم والمشكوك فيجرى فيه البراءة وممّا ذكر في المقام يظهر جواز الصلاة في اللباس المشكوك إنه ممّا لا يؤكل لحمه ودعوى أن النواهي عن الموانع في المركبات مثل الصلاة ظاهرة في كون متعلقها هو صرف وجود الموانع ومعه لا مجال للبراءة بعد كون صرف الوجود ملحوظا بنحو الموضوعية لا الطريقية بل اللازم هو الاحتياط إلّا أن يقال إنّ النهي في المركبات يمكن أن يكون بنحو العموم البدلي عن كل فرد ومعه فدعوى ظهوره في خصوص صرف الوجود محتاجة الى مئونة زائدة.
ولو شك في كون النهي بنحو صرف الوجود أو ذات الطبيعة لكان الشكّ في التكليف الزائد فيجرى فيه البراءة أيضا.
التنبيه الخامس
إنّ ملاك حسن الاحتياط ورجحانه في الشبهات البدوية هو إدراك الواقع من التكاليف الفعلية ذات ملاكات واقعية إذ الجهل بلزومها يكون عذرا في مخالفتها وجعل العذر لا يوجب رفع أصل الأحكام الواقعية بحيث لا يكون للجاهل حكم في الواقع بل جعل العذر يكون بمعنى رفع الثقل من ناحية تلك التكاليف.