تساقطهما يرجع إلى الاستصحاب ويحكم ببقاء الحدث الجامع بين الأكبر والأصغر.
وهذا بخلاف ما إذا كان الأصل جاريا في بعض الأطراف بلا معارض كما في المقام فإنّ التكليف في الطرف المضطر إليه معلوم الانتفاء بالوجدان فلا معنى لجريان الأصل فيه وفي الطرف الآخر مشكوك الحدوث فلا مانع من الرجوع إلى الأصل فيه فليس لنا علم بالتكليف وشك في سقوطه حتّى نحكم ببقائه للاستصحاب أو القاعدة الاشتغال (١).
هذا بخلاف ما إذا كان الاضطرار بعد العلم بالتكليف فإنّ التكليف فيه معلوم الحدوث ومشكوك الارتفاع فيجوز الحكم فيه ببقائه للاستصحاب أو لقاعدة الاشتغال.
ثمّ لا يذهب عليك أنّ الصور المذكورة في الاضطرار تجري في فقدان المعين من الأطراف أو خروجه عن محلّ الابتلاء أو الإكراه عليه وذلك لشمول ما ذكر في صور الاضطرار إلى المعين لصور هذه الموارد أيضا حرفا بحرف فلا حاجة إلى الاطالة.
المقام الثاني : فيما إذا كان الاضطرار إلى غير معيّن. ذهب الشيخ في هذا المقام إلى وجوب الاجتناب عن الباقي وإن كان الاضطرار قبل العلم الإجمالي معللا بأنّ العلم حاصل بحرمة واحد من أمور لو علم حرمته تفصيلا وجب الاجتناب عنه.
والترخيص في بعضها على البدل موجب لاكتفاء الآمر بالاجتناب عن الباقي فإن قلت ترخيص ترك بعض المقدمات دليل على عدم ارادة الاجتناب عن الحرام الواقعي ولا تكليف بما عداه فلا مقتضى لوجوب الاجتناب عن الباقي.
قلت المقدمة العلمية مقدمة للعلم واللازم من الترخيص فيها عدم وجوب تحصيل العلم لا عدم وجوب الاجتناب عن الحرام الواقعي رأسا.
وحيث إنّ الحاكم بوجوب تحصيل العلم هو العقل بملاحظة تعلّق الطلب الموجب للعقاب على المخالفة الحاصلة في ترك هذا الذي رخّص في تركه فيثبت من ذلك تكليف متوسط بين نفي التكليف رأسا وثبوته متعلقا بالواقع على ما هو عليه.
__________________
(١) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٣٨٧ ـ ٣٨٨.