رواية الشيخ ومضى الإشكال فيه.
هذا مضافا إلى أنّ مناقضة الترخيص الظاهري مع الالزام الواقعي ليس إلّا كمناقضة الأحكام الواقعية والظاهرية والجمع بينهما هو الجمع بينهما (١).
يمكن دفع ذلك بأنّ مقتضى اختصاص أصالة الإباحة بالشبهات التحريمية هو أن نقول بعدم شمولها لمثل المقام من جهة أنّ الشبهة فيه وجوبية أيضا لدوران الأمر فيه بين الوجوب والحرمة فالقول باختصاص أصالة الإباحة بالشبهات التحريمية ينافي توجيه شمولها للدوران بين المحذورين ومع الغمض عن ذلك فالمناقضة بين الرخصة في الفعل والترك والعلم الإجمالي بالالزام موجودة بالوجدان.
ثمّ إنّ تنظير المقام بالأحكام الظاهرية والأحكام الواقعية كما ترى لأنّ موضوع الأحكام الظاهرية هو الشك في الأحكام الواقعية ولا شك في المقام بالنسبة إلى المعلوم بالإجمال وعدم كونه مباحا يقينا فكيف يمكن الحكم مع العلم المذكور بالاباحة ظاهرا.
الأمر الثاني : هو الاستدلال بالبراءة العقلية بدعوى أنّ الوجوب والحرمة غير معلومين فمقتضى قاعدة قبح العقاب بلا بيان هو عدم العقوبة لا على الوجوب ولا على الحرمة.
يرد عليه أوّلا : أنّ العلم بالجنس وهو الإلزام يكفي في ارتفاع موضوع البراءة العقلية والشاهد عليه أنّه لا يجري البراءة العقلية إذا علم المكلّف بأنّ هذا إما خمر حرام أو ذاك مائع خاصّ يجب شربه بنذر أو حلف أو نحوهما فإنّ العلم بأصل الإلزام بينهما بيان ويوجب الاحتياط بينهما بترك هذا وفعل ذاك ولا مجال للبراءة العقلية في خصوص الأطراف بعد العلم بجنس التكليف وليس ذلك إلّا لارتفاع موضوع البراءة العقلية وهو عدم البيان بالعلم بجنس التكليف (٢).
__________________
(١) تهذيب الاصول / ج ٢ ، ص ٢٤٢.
(٢) راجع تسديد الاصول / ج ٢ ، ص ١٨٠.