الخطاب عن التنجيز لأنّه من الشبهات المصداقية ومقتضى القاعدة فيها هو الأخذ بأصالة البراءة.
ولكنّ لقائل أن يقول في الشبهة المفهومية وإن كان مقتضى القاعدة هو الرجوع إلى العموم في موارد الشك ولكنّه فيما إذا لم يكن الشبهة ممّا يوجب استهجان الخطاب والمقام يكون كذلك لأنّ المورد لو كان من موارد الابتلاء لا يبقى حسن للخطاب.
التنبيه الخامس : في الشبهة غير المحصورة ويقع الكلام في جهات :
الجهة الاولى : في تعريفها ولا يذهب عليك أنّ شيخنا الأنصاري قدسسره قال في تعريفها وهي أنّ كثرة الاحتمال يكون بحيث يوجب عدم الاعتناء بالضرر المعلوم وجوده بين المحتملات ألا ترى الفرق الواضح بين العلم بوجود السمّ في أحد إناءين أو واحد من ألفي إناء وكذلك بين قذف أحد الشخصين لا بعينه وبين قذف واحد من أهل بلد فإنّ الشخصين كلاهما يتأثران بالأوّل ولا يتأثر أحد من أهل البلد بالثاني وكذا الحال لو أخبر شخص بموت الشخص المردّد بين ولده وشخص آخر وبموت المردّد بين ولده وبين كلّ واحد من أهل بلده فإنّه لا يضطرب خاطره في الثاني أصلا (١).
اورد عليه في نهاية الأفكار بأنّ ما افيد من عدم اعتناء العقلاء بالضرر مع كثرة الأطراف إنّما يتم في مثل المضار الدنيوية وذلك أيضا فيما يجوز توطين النفس على تحملها لبعض الأغراض لا ما يكون مورد الاهتمام التامّ عندهم كالمضارّ النفسيّة وإلّا ففيها يمنع إقدامهم على الارتكاب بمحض كثرة الأطراف لو علم بوجود سمّ قاتل في كاس مردّد بين ألف كئوس أو أزيد يرى أنه لا يقدم أحد على ارتكاب شيء من تلك الكئوس وإن بلغت الأطراف ما بلغت لا في المضارّ الاخروية التي يستقل العقل فيها بلزوم التحرز عنها ولو موهوما إلى أن قال فالاولى أن يقال في تحديد كون الشبهة غير محصورة إنّ الضابط فيها هو بلوغ الأطراف بحيث إذا لوحظ كلّ واحد منها منفردا عن البقية يحصل الاطمئنان بعدم
__________________
(١) فرائد الاصول / ص ٢٥٩ ، ط قديم.