أنّ العبرة حينئذ تكون بها لا بكثرة الأطراف (١).
الجهة الرابعة : في معيار الكثرة وعدمها
واعلم أنّ العبرة في المحتملات قلة وكثرة بتقلل الوقائع وتكثرها التي تقع موردا للحكم بوجوب الاجتناب مع العلم بالحرام تفصيلا ولذلك قال المحقّق العراقي قدسسره ويختلف ذلك في أنظار العرف باختلاف الموارد فقد يكون تناول امور متعددة باعتبار كونها مجتمعة يعدّ في أنظارهم وقعة واحدة كاللقمة من الارز ويدخل المشتمل على الحرام منها في المحصور كما لو علم بوجود حبّة محرمة أو نجسة من الارز أو الحنطة في ألف حبة مع كون تناول ألف حبّة من الارز في العادة بعشرة لقمات فإنّ مرجعه إلى العلم بحرمة تناول أحد لقماته العشر ومضغها لاشتمالها على مال الغير أو النجس وقد يكون تناول كلّ حبة يعدّ في أنظارهم واقعة مستقلة كما لو كانت الحبوب متفرقة أو كان المقام يقتضي كون تناولها بتناول كلّ حبة حبة ومضغها منفردة فيدخل بذلك في غير المحصور (٢).
الجهة الخامسة : في عدم مانعية المخالفة القطعية عن جريان البراءة في أطراف الشبهة غير المحصورة
الظاهر لو لا الاجماع على الخلاف أنّ المخالفة القطعية في الشبهات غير المحصورة لا مانع منها بعد عموم أدلّة البراءة وعدم دليل على خروج غير المحصورة منها لاختصاص الأدلة الدالة على وجوب الاحتياط في أطراف المعلوم بالإجمال بالشبهات المحصورة فمع دلالة الأخبار على البراءة وعدم المخصص في غير المحصورة لا مجال لما يظهر من نهاية الافكار من كون العلم الإجمالي على تأثيره في حرمة المخالفة القطعية (٣). إذ مقتضى الجمع بين العلم الإجمالي وشمول أدلة البراءة لأطرافه هو سقوط المعلوم عن الفعليّة والتنجّز.
هذا مضافا إلى امكان أن يقال إنّ بناء العقلاء على عدم الاعتناء باحتمال التكليف في كلّ
__________________
(١) نهاية الأفكار / ج ٣ ، ص ٣٢٨.
(٢) نهاية الأفكار / ج ٣ ، ص ٣٣١.
(٣) نهاية الأفكار / ج ٣ ، ص ٣٣٢.