الثاني عن بعض الأكابر أنّ أدلة اعتبار الاصول لا نظر لها إلّا إلى مخالفها وعليه فالأصل المسببي إذا كان موافقا مع الأصل السببي جار إذ لا حكومة بينهما فمع جريانهما وعدم حكومة بينهما فلا يبقى الأصل المسببي بعد سقوط الأصل السببي حتّى يكون مرجعا بعد سقوط الأصل السببي في الطرفين وبعبارة أخرى فمع عدم الحكومة يكون الأصل المسببي كالأصل السببي طرفا للأصل في طرف آخر فيسقط الأصل المسببي كالأصل السببي بالمعارضة مع الأصل في الطرف الآخر ومقتضاه هو الرجوع إلى مقتضى العلم الإجمالي وهو الاحتياط هذا مضافا إلى ما أفاده في مصباح الاصول بناء على المعروف من تقديم الأصل السببي على المسببي ولو في الموافق من أنّه يتوجه الاشكال على جواب الشيخ الأعظم بالشبهة الحيدرية وتقريرها أنّه كما أنّ جريان أصالة الطهارة في الملاقي بالكسر في طول جريان أصالة الطهارة في الملاقي بالفتح كذلك جريان أصالة الحل في الطرفين في طول جريان أصالة الطهارة فيهما إذ لو أجريت أصالة الطهارة وحكم بالطهارة لا تصل النوبة إلى جريان أصالة الحل فتكون أصالة الطهارة في الملاقي بالكسر وأصالة الحل في الطرف الآخر في مرتبة واحدة لكون كليهما مسببين فإنّا نعلم اجمالا بعد تساقط أصالة الطهارة في الطرفين بأنّ هذا الملاقي بالكسر نجس أو أنّ الطرف الآخر حرام فيقع التعارض بين أصالة الطهارة في الملاقي (بالكسر) وأصالة الحل في الطرف الآخر ويتساقطان فيجب الاجتناب عن الملاقي (بالكسر) نعم لا مانع من جريان أصالة الحل في الملاقي بالكسر بعد سقوط أصالة الطهارة فيه للمعارضة بأصالة الحل في الطرف الآخر لعدم معارض له في هذه المرتبة (١).
فالصحيح في الجواب عن الاستدلال المذكور لوجوب الاحتياط كما في مصباح الاصول هو أن يقال إنّ العلم الإجمالي (٢) بنجاسة الملاقي بالكسر أو الطرف الآخر وإن كان حاصلا بعد العلم بالملاقاة إلّا أنّه لا يمنع عن جريان الأصل في الملاقي بالكسر لأنّ الأصل الجاري في
__________________
(١) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٤١٣ ـ ٤١٤.
(٢) أي العلم الإجمالي الثاني.