تتمة الفصل الثالث : في أصالة الاشتغال
المقام الثاني : في الشك في المكلّف به مع العلم بالتكليف وإمكان الاحتياط ودوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين.
وتوضيح محلّ النزاع في هذا المقام كما أفاد في مصباح الاصول أنّ محلّ الكلام في دوران الأمر بين الأقل والأكثر إنّما هو فيما إذا كان الأقل متعلقا للتكليف بنحو لا بشرط القسمي بمعنى إنّا نعلم ان الواجب لو كان هو الأقل لا يضرّه الاتيان بالأكثر وأمّا إذا كان الأقل مأخوذا في التكليف بشرط لا حتّى يضرّه الاتيان بالأكثر كما في دوران الأمر بين القصر والاتمام فهو خارج عن محلّ الكلام لكون الدوران فيه من قبيل الدوران بين المتباينين.
وبعبارة أخرى الكلام في دوران الأمر بين الأقل والأكثر إنّما هو فيما إذا كان مقتضى الاحتياط الاتيان بالأكثر وإذا كان الأقل مأخوذا بشرط لا لا يمكن الاحتياط بإتيان الأكثر لاحتمال كون الزائد مبطلا بل مقتضى الاحتياط هو الاتيان بالأقل مرّة وبالأكثر اخرى ولذا كان مقتضى الاحتياط عند الشك في القصر والتمام هو الجمع بينهما لا الاتيان بالتمام فقط وهذا هو الميزان في تمييز دوران الأمر بين الأقل والأكثر عن دوران الأمر بين المتباينين (١).
وإذا عرفت ذلك لا يخفى عليك أنّه وقع الكلام في أنّ الشك في الأقل والأكثر الارتباطيين ملحق بالشك في التكليف حتّى يجري البراءة في وجوب الأكثر أو ملحق بالشك في المكلّف
__________________
(١) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٤٢٩.