المقام الخامس : في عدم التزاحم فيما إذا كانت القدرة في طرف شرعية
ولا يذهب عليك أنّ التزاحم والحكم بالتخيير في مقام الامتثال يختص بما إذا كانت القدرة في طرفي التزاحم عقلية أو شرعية وأما إذا كانت في طرف شرعية وفي طرف آخر عقلية وإن قيل أيضا بتقديم الأهم بينهما إن كان وإلّا فالحكم هو التخيير ولكنّ الصحيح هو تقديم طرف القدرة العقلية على طرف القدرة الشرعية لتعليق طرف القدرة الشرعية على عدم ارتكاب المحرم أو ترك الواجب ومن المعلوم أنّ هذا الحكم يرتفع بتزاحمه مع ارتكاب المحرم أو ترك الواجب.
وتفصيل ذلك أنّه مثلا إذا بنينا على أنّ الصلاة في النجس محرمة بالذات نظير سائر المحرمات المولوية وتردد الثوب الطاهر بين الثوبين المشتبهين الذين أحدهما طاهر والآخر نجس فهل يجب أن يكرر الصلاة فيهما تحصيلا لموافقة الأمر بالصلاة في الثوب الطاهر وإن استلزم المخالفة القطعية للنهي عن الصلاة في الثوب المتنجس أو تجب عليه الصلاة عريانا تحصيلا لموافقة النهي عن الصلاة في النجس وإن استلزم العلم بمخالفة الأمر بالصلاة في الثوب الطاهر أو يصلي في أحد الثوبين المشتبهين مخيرا لأنّه موافقة احتمالية من جهة ومخالفة احتمالية من جهة وجوه والأظهر هو الثاني فإنّ القدرة المعتبرة في الأمر بالصلاة في الثوب الطاهر شرعية لا عقلية.
وإليه ينتهي السيّد المحقّق الخوئي قدسسره حيث قال في المثال المفروض في المقام للمكلف علمان اجماليان في المقام أحدهما العلم الإجمالي بطهارة أحد الثوبين وثانيهما العلم بنجاسة أحد الثوبين والموافقة القطعية للعلم الإجمالي بطهارة أحدهما يتوقف على تكرار الصلاة فيهما كما أنّ الموافقة القطعية للعلم الإجمالي بنجاسة أحدهما تتوقف على أن لا يصلي في شيء من المشتبهين (فيتزاحم التكليفان).
وحيث إنّ المكلّف غير متمكن من إحراز الموافقة القطعية لكليهما فلا محالة تقع المزاحمة بين التكليفين في مقام الامتثال وحينئذ لا بدّ من العلم بما هو الأهم منهما إن كان وإلّا يتخير