موضوع القاعدة لأنّ جريانها انما يكون في ظرف تعذر الواجب المنتفي بالتمكن من البدل.
ويمكن أن يقال : إنّ تنزيل البدل منزلة المبدل لا يكون إلّا فيما إذا تعذّر المبدل ومع تمكّنه عنه بقاعدة الميسور لا يسقط بالمعسور لا مجال للوجود التنزيلي كما لا يخفى.
وممّا ذكر يظهر ما في نهاية الأفكار حيث ذهب إلى التخيير بين الإتيان بالمبدل ناقصا وبين الإتيان ببدله الاضطراري. (١)
والوجه فيه واضح فإنّ جعل البدلية متاخر عن عدم التمكن من المبدل ولا يكون في عرض التمكن من الاتيان بالمبدل حتى يقال يتزاحمان ومع التزاحم فالحكم هو التخيير وقاعدة الميسور توجب التوسعة في التمكن من الاتيان بالمبدل لا من باب تنزيل الباقي منزلة الواجب حتى يقال إنّ كلّا من الميسور والبدل وجود تنزيلي للواجب ولا ترجيح لأحدهما على الآخر فيتخير بل من باب انتفاء جزئية المفقود ورفع اليد عنه فلا تغفل.
فالميسور مقدّم على البدل مطلقا من دون فرق بين وجود التباين بين البدل الاضطراري وما دلت عليه قاعدة الميسور وعدمه وينقدح ممّا ذكرنا ما في محكي كلام سيّدنا الاستاذ حيث قال ففيما يكون البدل الذي يدلّ على وجوبه دليل البدل الاضطراري متباينا مع الذي يدلّ على وجوبه قاعدة الميسور (كالوضوء والتيمم) يحكم بالتخيير إذا لم يكن لأحدهما ترجيح بحسب الدلالة وإلّا يقدم كما لا يخفى وفيما ليس بينهما تباين كما في الصوم ستين يوما حيث إنّ مقتضى دليل البدل الاضطراري فيه وجوب ثمانية عشر يوما إذا تعذّر صوم ستين يوما ومقتضى قاعدة الميسور وجوب ما تمكّن منه كان بقدر ثمانية عشر أو أزيد أو أقل وحيث إنّ التخيير بين الأقل والأكثر لا معنى له فلا محالة يجب الجمع بين الدليلين وترجيح ما كان منها أظهر ولا إشكال في أنّه في المثال يكون الدليل على وجوب ثمانية عشر يوما عند تعذّر الكلّ مقدما على قاعدة الميسور حيث إنّ العكس يستلزم حمله على ما اذا لم يتمكن إلّا من ثمانية عشر وذلك حمل بعيد بخلاف حمل قاعدة الميسور على ما إذا لم يتمكن إلّا من
__________________
(١) نهاية الافكار / ج ٣ ، ص ٤٦١.