بينهما إلى أن قال ولكنّ الصحيح أنّ الواجب لو قلنا بحرمة الصلاة في النجس ذاتا هو الصلاة عاريا دون تكرارها ولا الصلاة في أحد المشتبهين وذلك للعلم بأنّ الاجزاء والشرائط المعتبرة في الصلاة لا تزاحم شيئا من المحرمات والواجبات حيث إنّ لها مراتب متعددة ومع العجز عما هو الواجب في حق المكلّف المختار يتنزل إلى ما دونه من المراتب النازلة (وهو في المقام الصلاة عريانا) وسره أنّ القدرة المعتبرة في الأجزاء والقيود قدرة شرعية فمع توقف احراز شيء منهما على ترك الواجب أو مخالفة الحرام يسقط عن الوجوب لعدم تمكن المكلّف منه شرعا فيتنزل إلى الصلاة فاقدة الشرط أو الجزء فلا مساغ لارتكاب المحرم أو ترك الواجب مقدمة لاتيان شيء من القيود المعتبرة في الصلاة إلى أن قال وإن شئت قلت إنّ القدرة المعتبرة في الصلاة في الثوب الطاهر شرعية والقدرة المأخوذة في ترك المحرم (كالصلاة في النجس بناء على ثبوت ذلك) عقلية وعند تزاحم التكليفين المشروط أحدهما بالقدرة الشرعية يتقدم ما هو المشروط بالقدرة العقلية على غيره (١).
فتحصّل : أنّ مع كون القدرة في طرف شرعية لا يبقى مجال للتزاحم لتقدم طرف يكون القدرة فيه عقلية نعم إذا كانت القدرة في طرفين عقلية فالمورد من المتزاحمات وتمّ فيه ما ذكر من أنّ المقدم هو الأهم وإلّا فالحكم هو التخيير في مقام الامتثال ثمّ لا يخفى عليك أنّ التخيير في مقام الامتثال وإن كان أجنبيا عن مسائل علم الاصول فإنّ التخيير المبحوث عنه فيه هو التخيير من جهة تعارض النصوص أو إجمالها لكن لا يخلو عن فائدة كما أنّ الشبهة الموضوعية في البراءة مسألة فقهية ومع ذلك ذكرت في الاصول إتماما للفائدة.
المقام السادس : في دوران الأمر بين شرطية شيء وبين مانعية في العبادات
قد تعرض الشيخ قدسسره في المقام لدوران الأمر بين المحذورين في العبادات الضمنيّة كما إذا دار الأمر بين شرطية شيء أو جزئيته لواجب وبين مانعيته عنه فذهب فيه إلى أنّ المكلّف
__________________
(١) التنقيح / ج ٢ ، ص ٣٩٥ ـ ٣٩٦.