ولا يخفى عليك أنّه لا يجوز إجراؤها إلّا بعد الفحص واليأس عن الظفر بالحجة على التكليف إذ لا مورد لقاعدة قبح العقاب بلا بيان إلّا بعد ثبوت موضوعها وهو عدم البيان ولا يثبت الموضوع المذكور إلّا بالفحص واليأس وعليه فلو كان التكليف مبينا من ناحية المولى ولم يتفحص عنه العبد صح العقاب على مخالفته لوجود البيان المتعارف بحيث لو تفحص عنه لظفر به ولا يلزم في البيان أزيد من ذلك كما لا يخفى ولا فرق في ذلك بين الشبهات الموضوعية والحكمية ما لم يرخّص الشارع وأمّا إذا رخص الشارع فهو ترخيص شرعي يرفع به عما يقتضيه الدليل العقلي لأنّ حكمه بالاحتياط قبل الفحص من باب الاقتضاء.
قال سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره في محكي كلامه لا بدّ في استقلال العقل بالبراءة من الفحص والياس عن البيان ولا فرق في ذلك بين الشبهات الموضوعية والحكمية نعم لو دلّ دليل شرعي على عدم اعتبار الفحص في الشبهات الموضوعية يحكم به فيها بالخصوص فيرفع اليد عما اقتضاه الأصل العقلي فيها. (١)
فتحصّل : أنّ الفحص والتعلم من شرائط البراءة العقلية أو محققاتها فلا تجري البراءة العقلية بدونهما.
المقام الثاني : في البراءة الشرعية
وهي إمّا في الشبهة الموضوعية التحريمية وإمّا في الشبهة الموضوعية الوجوبية وإما في الشبهة الحكمية.
أمّا الشبهة الموضوعية التحريمية فلا دليل على اعتبار الفحص في جريان البراءة فيها لاطلاق بعض أدلّة البراءة الشرعية من حيث الفحص وعدمه كقوله عليهالسلام كل شيء منه حرام
__________________
(١) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٥٠١.