التعلم وتحصيل العلم بالأحكام واضحة لا سيما إذا انضم اليها ما يدلّ على أنّ العلم مقدمة للعمل ويهتف به فراجع.
وبالجملة فملاحظة كل واحد من هذه الآيات والأخبار فضلا عن جميعها توجب القطع بعدم جواز الرجوع إلى اطلاق مثل حديث الرفع قبل الفحص بل إنّما الوظيفة هو الفحص والسؤال وتعلم التكاليف وإذا قصّر عنها يؤاخذ ويقال له يوم القيامة أفلا تعلّمت حتى تعمل؟ وهذه الأدلة اللفظية من الآيات والروايات هي عمدة الوجه لتقييد اطلاق أدلّة البراءة الشرعية. (١)
وقال في الكفاية بعد المناقشة في سائر الوجوه فالأولى الاستدلال للوجوب بما دلّ من الآيات والأخبار على وجوب التفقه والتعلم والمؤاخذة على ترك التعلم في مقام الاعتذار عن عدم العمل بعدم العلم بقوله تعالى كما في الخبر هلا تعلّمت فيقيد بها أخبار البراءة لقوة ظهورها في أنّ المؤاخذة والاحتجاج بترك التعلم فيما لم يعلم لا بترك العمل فيما علم وجوبه ولو اجمالا فلا مجال للتوفيق بحمل هذه الأخبار على ما إذا علم اجمالا فافهم ولا يخفى اعتبار الفحص في التخيير العقلي أيضا بعين ما ذكر في البراءة. (٢)
بل الأمر كذلك في سائر الاصول الجارية في الشبهات الحكمية كقاعدة الطهارة والاستصحاب إذ لا مجال لها بدون التفحص والتعلم بعين الملاك الذي عرفت في البراءة في الشبهات الحكمية.
قال السيد المحقّق الخوئي قدسسره وبما ذكرناه ظهر اختصاص أدلّة الاستصحاب أيضا لما بعد الفحص وظهر أيضا عدم جواز الرجوع إلى سائر الاصول العقلية قبل الفحص كالتخيير العقلي ونحوه وملخّص الكلام في المقام أنّ الاصول العقلية في نفسها قاصرة عن الشمول لما قبل الفحص لأنّ موضوعها عدم البيان وهو لا يحرز إلّا بالفحص فلا مقتضى لها قبله وأمّا
__________________
(١) تسديد الاصول / ج ٢ ، ص ٢٤٤ ـ ٢٤٨.
(٢) الكفاية / ج ٢ ، ص ٢٥٦ ـ ٢٥٨.