فلا دليل على حرمة قطعها.
وأمّا لو بنينا على حرمة قطع الفريضة حتّى في مثل المقام كان الحكم بالتخيير في محله إلّا أنّه لا لاجل دوران الأمر بين الجزئية والمانعية بل من جهة دوران الأمر بين حرمة الفعل وتركه.
وان شئت قلت إنّ لنا في المقام علمين اجماليين أحدهما : العلم الإجمالي بثبوت الزام متعلّق بطبيعي العمل المردّد بين ما يؤتى فيه بالجزء المشكوك فيه وما يكون فاقدا له ثانيهما : العلم الإجمالي بحرمة الجزء المشكوك فيه ووجوبه لدوران الأمر فيه بين الجزئية الموجبة لوجوبه والمانعية المقتضية لحرمته لكونه مبطلا للعمل.
والعلم الثاني وان كان لا يترتب عليه أثر لعدم التمكن من الموافقة القطعية ولا من المخالفة القطعية فيحكم بالتخيير بين الاتيان بالجزء المشكوك فيه وتركه إلّا ان العلم الإجمالي الأوّل يقتضي اعادة الصلاة تحصيلا للفراغ اليقيني.
الصورة الثانية : ما يتمكن فيه المكلّف من الامتثال الإجمالي إما بتكرار الجزء أو بتكرار أصل العمل كما إذا دار أمر القراءة بين وجوب الجهر بها أو الاخفات فإنّه إذا كرّر القراءة بالجهر مرة وبالاخفات أخرى مع قصد القربة (وقصد جزئية أحدهما الواقعية وكون الآخر قرآنا) فقد علم بالامتثال اجمالا.
ففي هذه الصورة فلا وجه فيها لجواز الاقتصار على الامتثال الاحتمالي فيجب عليه احراز الامتثال ولو اجمالا وبالجملة الحكم بالتخيير إنّما هو مع عدم التمكن من الامتثال العلمي ومع التمكن منه فالاقتصار على الامتثال الاحتمالي يحتاج إلى دليل خاصّ ومع عدمه يحكم العقل بلزوم الامتثال العلمي باعتبار ان شغل الذمة اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني (١).
هذا كلّه فيما إذا أمكن التكرار وأما إذا لم يمكن التكرار لضيق الوقت فالتخيير الذي ذهب إليه الشيخ في الدوران بين الشرطية والمانعية هو الصحيح.
__________________
(١) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٣٣٦ ـ ٣٣٨.