بقرينة صدره مجرد عدم انتقاض الصلاة وعدم احتياجها إلى الاعادة واليك لفظ تمام الحديث الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام في رجل جهر في ما لا ينبغي الاجهار فيه وأخفى في ما لا ينبغي الاخفاء فيه فقال أيّ ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الاعادة فإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شيء عليه وقد تمّت صلاته. (١)
فإن نفس التعبير في قوله «لا يدري» ظاهر في أنّ هنا حكما واقعا أعني وجوب الجهر أو الاخفات والمكلف لا يدري وعنه التعبير في الصدر بما لا ينبغي الاجهار فيه وما لا ينبغي الاخفاء فيه فإذا كان المفروض ثبوت هذا الحكم في الواقع فلا محالة لإيراد من قوله «تمّت صلاته» إلّا ما يقابل قوله «نقض صلاته» يعني أنّ صلاته ليست منقوضة محتاجة إلى الاعادة. (٢)
شرطان آخران لجريان البراءة :
حكي عن الفاضل التونى شرطان آخران أحدهما أن لا يكون اعمال الأصل موجبا لثبوت حكم شرعي من جهة أخرى مثل أن يقال في أحد الإناءين المشتبهين الأصل عدم وجوب الاجتناب عنه فإنّه يوجب الحكم بوجوب الاجتناب عن الآخر أو عدم بلوغ الملاقي للنجاسة كرّا أو عدم تقدّم الكرية حيث يعلم بحدوثها على ملاقاة النجاسة فإنّ اعمال الأصول يوجب الاجتناب عن الإناء الآخر أو الملاقي أو الماء انتهى.
أورد عليه الشيخ الأعظم قدسسره بقوله إنّ ايجاب العمل بالاصل لثبوت حكم آخر إمّا باثبات الأصل المعمول به لموضوع انيط به حكم شرعي كأن يثبت بالاصل براءة ذمة الشخص الواجد لمقدار من المال واف بالحج من الدين فيصير بضميمة أصالة البراءة مستطيعا فيجب عليه الحج فإنّ الدين مانع عن الاستطاعة فيدفع بالأصل ويحكم بوجوب
__________________
(١) الوسائل / الباب ٢٦ من ابواب القراءة والصلاة ، ح ١.
(٢) تسديد الاصول / ج ٢ ، ص ٢٥٨ ـ ٢٥٩.