وترك الركوع وبين ترك القيام وترك الاستقبال إلى غير ذلك من موارد الدوران والحكم فيه ما ذكرناه من أنه إن علم بتساوي الأمرين في نظر الشارع فقد علم بوجود الملاك في كلّ منهما تخييرا فيتغير المكلّف بينهما وإن علم بأهمية أحدهما بعينه أو مساواته للآخر فقد علم بوجود الملاك في محتمل الأهمية وشك في وجوده في الآخر وإن احتمل الأهمية في كلّ من الطرفين فلا طريق إلى إحراز الملاك في أحدهما تعينا ومع تردده بينهما يجب الاحتياط بالجمع مع إمكانه ومع عدم إمكانه يتخير بينهما (١). وكيف ما كان فهذا التخيير تخيير فقهي وتفصيله مذكور في الفقه لأنّ الحكم معلوم والشك في ناحيته الامتثال لا من ناحية الأدلة فتدبّر جيدا.
المقام الثامن : في اشتراط عدم أصل لفظي في جريان أصالة التخيير
إذا دار الأمر بين التعيين والتخيير فإن كان الشك في ثبوت التكليف ولم يكن أصل لفظي في المورد فمقتضى القاعدة هو التخيير إذ الشك في التكليف الزائد من ناحية الخصوصية ومع جريان البراءة في الخصوصية يحكم العقل بالتخيير مثلا إذا علمنا أنّ الشارع وجب علينا خصال الكفارات ولكنّ شككنا في أنّ بعضها مرتب على الآخر أو واجب في عداد البقية كان الشك في التعيين والتخيير وهكذا لو شككنا في التعيين والتخيير في الديات الستة ففي هذه الصورة التخيير معلوم والتعيين مشكوك وحيث إنّ التعيين أمر زائد يجري فيه البراءة ويحكم بالتخيير ولكنّ هذا إذا لم يكن أصل لفظي في البين وإلّا فهو مقدم على الأصل العملي كما إذا شككنا في لفظ الأمر الصادر من المولى بالاحسان إلى زيد أنّه اكتفى به أو ضمّ إليه عمرا وقال أو عمرو فمقتضى الاطلاق أنه أمر بالاحسان إلى زيد ولم يذكر عدلا له ولو أراد التخيير لذكر عدلا له فالواجب هو الاحسان إلى خصوص زيد ومع جريان مقدمات الاطلاق لا مجال للأصل العملي لأنّ موضوع الأصل العملي هو الشك ومع مقدمات
__________________
(١) المستمسك / ج ١ ، ص ٥٢٠ ـ ٥٢١.