وجود الطبيعة وهو الحكم الضرري لانفسها.
وثانيا أنّه لا يمكن جعل الضرر مرآة للعمل المضر لأنّ مرآتية شيء لشيء ليست جزافية بل أقل ما يعتبر فيها نحو اتحاد بين المفهومين وجودا كما في العنوان والمعنون وليست نسبة الضّرر إلى العمل المضر كالوضوء من هذا القبيل بل هي من قبيل نسبة المعلول إلى العلة وإن كان على غير المرآتية كالسببية والمسببية فهو أبعد منها استظهارا لأنّ المرآتية فيها يقال أخف مراحل المجاز. (١)
وثالثا بأنّ كثرة النفي الادعائي في أمثال هذا التركيب على تقدير التسليم لا توجب ترجيح ما ذهب إليه صاحب الكفاية في المقام لاختلاف تلك الموارد في امكان الادعاء وعدمه كما عرفت في الاشكالات المتقدمة أنّ النفي الادعائى يتوقف على كون الفعل الخارجي موضوعا للآثار حتى يصح ادعاء نفي الموضوع بنفي الآثار وهذا مفقود في المقام.
وثالثها : وهو المختار وهو ان المنفي هو نفس الضرر ولا نظر في هذا النفي إلى الافعال المضرة الخارجية لأنّها أجنبية عن مرحلة التشريع إذ الخارج ظرف السقوط لا ظرف الثبوت بل النظر في هذا النفي إلى الضرر المعلول الناشي من قبل الأحكام الشرعية وحينئذ يكون نفي هذا الضرر دالا بدلالة الاقتضاء على نفي أسبابه الشرعية وهي الأحكام مطلقا تكليفية كانت أو وضعية وجودية كانت أو عدمية ولا حاجة في هذا إلى دعوى المجاز في الكلمة وإرادة الحكم من نفس الضرر كما حكي ذلك عن الشيخ ولا إلى إرادة فعل الضار والمضر الخارجي من نفس الضرر كما ذهب إليه صاحب الكفاية ولا إلى المجاز السكاكي بمعنى اطلاق المسبب وإرادة نفسه لكن بادعاء أنّ السبب عين المسبب وأنّ نفيه عين نفيه.
بل مفاد لا ضرر نفي نفس الضرر المعلول والناشي من الأحكام الشرعية بالنفي الحقيقي في عالم التشريع والقرينة عليه هو أنّ الشارع بما هو الشارع لا يتصرف إلّا في حيطة أحكامه وتشريعاته ولا نظر له إلى الخارج وهذا النفي حقيقي وليس بادعائي لأنّه نفي
__________________
(١) قاعدة لا ضرر / ص ١٩١ ـ ١٩٢.