الضرر على النفس مطلقا سواء كان من الالزامات أو التجويزات عدى ما يكون المنع عنه منافيا للامتنان لما عرفت من أنّ حديث نفي الضرر يكون بمناسبة الحكم والموضوع للامتنان سواء كان الاضرار للغير أو للنفس والوجه في عدم شمول لا ضرر للموارد المذكورة هو اختصاصه بموارد الامتنان.
وإن أبيت اختصاصه بموارد الامتنان وقلت باطلاق حديث نفي الضرر فلا بد من سقوط حديث نفي الضرر بسبب تزاحمه مع المصلحة الملزمة في الموارد المذكورة وأشباهها فلو ترتب على الاضرار بالنفس بقاء النفس كما في قطع بعض الأعضاء والجوارح قدم البقاء على عدم القطع وجاز ايراد الضرر على النفس وهكذا لو دار الأمر بين قطع بعض الاعضاء وحفظ حياة بعض الاولاد أو الاقرباء أو الاحباء أو المؤمنين قدّم حفظ حياتهم على النقص فيجوز ايراد الضرر على النفس للتزاحم واهمية حفظ الحياة.
فتحصّل : ممّا ذكرناه عدم جواز ايراد الضرر على النفس مطلقا كعدم جوازه على الغير إلّا إذا كان شمول حديث نفي الضرر منافيا للامتنان بناء على اختصاص الحديث بموارد الامتنان بمناسبة الحكم والموضوع كما هو الظاهر أو إلّا إذا تزاحم مفسدة الاضرار مع المصلحة الملزمة واهمية المصلحة بناء على عدم اختصاص الحديث بموارد الامتنان وعليه فيجوز ايراد الضرر حينئذ للتزاحم واهمية المزاحم فلا تغفل.
ثمّ إنّه لو سلّمنا عدم تمامية دلالة حديث لا ضرر على حرمة الإضرار بالنفس فقد استدل لها بوجوه اخرى.
منها قوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(١)
وفيه أنّه لا يدلّ إلّا على صورة كون الضرر موجبا للهلاكة أو ما يدانيها وأمّا غيرها ممّا يصدق عليه الضرر فلا دلالة لها عليها إذ الهلاكة أخص من عنوان الضرر.
ومنها : ما رواه الكليني رحمهالله في الكافي بسند مرسل أو مجهول عن أبي عبد الله عليهالسلام ورواه
__________________
(١) البقرة / ١٩٥.