مفروغية حرمة الاضرار بالنفس بحيث صارت سببا لتنزيل الجار منزلته في حرمة الاضرار.
أورد عليه أوّلا : بأنّ المراد هو تنزيل الجار منزلة النفس في عدم جواز اضرار الغير له والمقصود أنّه كما لا يجوز اضرار الغير للنفس فكذلك لا يجوز اضرار الغير للجار ولعلّ التعبير بقوله غير مضار شاهد على مغايرة من أراد الاضرار للنفس مع النفس فإنّ باب المفاعلة ظاهر في ذلك فحمله على اضرار النفس بالنفس محتاج إلى العناية ولا فرق في ذلك بين كون غير مضار وصفا للنفس أو للجار فلا نظر للخبر إلى الاضرار من النفس إلى النفس.
وثانيا : بأنّه لو سلّمنا أنّ المقصود من التنزيل تنزيل الاضرار بالجار منزلة الاضرار من النفس إلى النفس فلا يدلّ على حرمة الاضرار بالنفس لاحتمال أن يكون المراد كما أنّ الانسان يحترز من الاضرار بالنفس بالطبع فليكن كذلك في حق الجار ومن المعلوم أنّ الاحتراز المذكور حيث كان بالطبع لا بالشرع لا يدلّ على حرمة خلافه فتدبّر جيّدا.
فتحصّل : ممّا ذكرناه عدم تمامية دلالة هذه الاحاديث على تقدير صحتها على اثبات حرمة مطلق الضرر على النفس لاختصاصها بالهلاكة وإفساد البدن أو غير ذلك فالعمدة في حرمة مطلق الاضرار بالنفس هو عموم حديث نفي الضرر بالتقريب الذي قدمناه فاغتنم.
ثمّ لا يخفى عليك ان بناء على شمول لا ضرر ولا ضرار للاضرار بالنفس فالمقصود من الضرر هو الضرر المعتد به عند العقلاء فلا يشمل ما لا يكون كذلك فلو شك في ان الضرر معتد به أو لا فمقتضى الأصل هو الجواز كما لا يخفى.
التنبيه الثاني : في عمومية حديث نفي الضرر بالنسبة إلى الأحكام العدمية كالأحكام الوجودية
قد يقال إن قاعدة لا ضرر لا تشمل الأحكام العدمية لأنّها ناظرة إلى نفي ما ثبت