وأمّا التكليفية فالحق التفصيل بين مهماتها وغيرها. (١)
التنبيه الرابع : في حكومة دليل لا ضرر على الأدلة المثبتة للتكاليف
لا إشكال في أنّ دليل لا ضرر حاكم على الأدلة المثبتة للتكاليف بناء على ما عرفت من أنّ معناه هو نفي طبيعة الضرر في حومة الشرع فإنّه يدلّ بدلالة الاقتضاء على عدم جعل أسبابه وهو الحكم الضرري وعليه فهو ناظر إلى الأحكام الضررية ويدل على عدم ارادة الضررية منها وبعد ورود الدليل على بيان المراد من الأحكام من ناحية اطلاقها أو عمومها وعدمهما فلا مجال للأخذ بأصالة الجدّ والارادة عند الشك في أنّ الاطلاق أو العموم مراد أو لا.
ولقد أفاد وأجاد السيّد المحقق الخوئي قدسسره حيث قال وأمّا إن كان الدليل الحاكم ناظرا إلى جهة الصدور في الدليل المحكوم أو إلى عقد الحمل فيه فالوجه في تقديمه عليه أنّ حجية الظهور وحجية جهة الصدور ثابتتان بسيرة العقلاء فإنّ بناء العقلاء قد استقر على كون الظاهر هو المراد الجدّي وكون الداعي إلى التكلم هو بيان الحكم الواقعي ومورد هذا البناء وموضوعه هو الشك في المراد والشك في جهة الصدور وبعد ورود الدليل الدال على بيان المراد وجهة الصدور لا يبقى شك حتى يعمل بالظهور أو جهة الصدور فيكون الدليل الحاكم مبيّنا للمراد من الدليل المحكوم ومبيّنا لجهة صدوره وبه يرتفع الشك ولم يبق مورد للعمل بأصالة الظهور أو بأصالة الجهة وهذا هو السر في تقديم الحاكم على المحكوم من دون ملاحظة النسبة والترجيح بينهما بعد احراز حجية الحاكم. (٢)
وأمّا بناء على كون معنى لا ضرر هو تحريم الاضرار فقد يتوهم أنّه لا وجه للحكومة حينئذ لعدم نظر لحديث لا ضرر إلى سائر الأحكام على هذا المعنى ولكن يدفعه ما أفاده
__________________
(١) تهذيب الأصول / ج ٢ ، ص ٤٩٩.
(٢) مصباح الأصول / ج ٢ ، ص ٥٤٢ ـ ٥٤٣.