مرجع جميع ذلك إلى نفي جعل الحكم ادعاء ومصحح الادعاء عدم تعلق الارادة الجدية بمورد دليل الحاكم هذا فيما اقتضى دليل الحاكم تضييق دليل المحكوم.
وقد يقتضى توسعة ذلك الدليل ومرجعه حينئذ إلى اثبات الجعل في مورد ادعاء وكناية عن ثبوت الارادة الاكيدة فيه.
وذلك أيضا إمّا بادعاء ثبوت موضوع الدليل كأن يقال زيد عالم مع أنّه جاهل في الواقع أو بادعاء ثبوت المتعلق كأن يقال مثلا السكوت عند العالم اكرام له أو بادعاء ثبوت الحكم كان يقال قد جعلت الوجوب في مورد زيد ومرجع جميع ذلك أيضا إلى ثبوت جعل الحكم في مورد دليل الحاكم وقد عرفت أنّ مصحح الادعاء وجود الارادة الجدية في مورده فدليل الحاكم على ما ذكرنا يحدد دليل المحكوم بمدلوله بلسان نفي الجعل في مورد اقتضى دليل المحكوم ثبوته أو ثبوته في مورد لم يقتض ثبوته لا بلسان عدم تطابق الارادة الجدية مع الاستعمالية كما يتراءى من المحقق (النائيني) فإنّه على هذا المعنى غير مطرد فيما اقتضى دليل الحاكم توسعة دليل المحكوم لأنّ المفروض حينئذ عدم وجود الارادة الاستعمالية كي يقتضي دليل الحاكم عدم تطابقها مع الارادة الجدية. (١)
التنبيه الخامس : في صحة العمل الضرري العبادي وعدمها
لو أتى به فيما إذا اعتقد الضرر وكان مضرّا في الواقع.
وقد يقال بصحة الوضوء مثلا في الفرض المذكور لوجود الملاك وإن لم يكن بمأمور به والوجه فيه أنّه لا يشترط في صحة العمل العبادي الأمر به بل يكفي حائزيته للملاك ولذلك تراهم في الواجبين المتزاحمين يحكمون بتوجه الأمر الفعلي بالأهمّ منهما دون المهمّ ومع ذلك يصححون فعل المهم لو عصى وترك امتثال الأمر الأهم باتيان المهم وليس هذا إلّا لكفاية واجدية العمل للملاك في صحته وإن لم يتعلق به أمر فعلا.
__________________
(١) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٥٤٥ ـ ٥٤٦.