ثم قال سيّدنا الاستاذ قدسسره وعلى الثاني بأن دار الأمر بين ايراد أحد الضررين على الغير كما لو اكره المكلف على ذلك وكان في تركه يتوجه إليه ضرر عظيم من قبل النفس أو ما شابهه في الأهمية فيحول الأمر إلى الغير فان اختار أحدهما فيختاره المكلف سواء كان أقل الضررين أو اكثرها وإلا فيخيّر ومن ذلك يظهر ضعف القول بالرجوع إلى أقل الضررين أو الاطلاق فتأمّل. (١)
ثم على فرض احالة الأمر إلى الغير وعدم اختياره لا مجال للحكم بتخيير المكلف بين أقل الضررين وأكثرهما بل اللازم هو الرجوع إلى أقل الضررين لكفاية الأقلية للترجيح ولعل لذلك أمر بالتامل في نهاية كلامه الشريف واليه يؤول ما في الكفاية حيث قال فمجمل القول فيه أنّ الدوران إن كان بين ضرري شخص واحد أو اثنين فلا مسرح إلّا لاختيار أقلّهما لو كان وإلّا فهو مختار. (٢)
وممّا ذكر يظهر الحكم في المورد الثالث من دوران الأمر بين ايراد أحد الضررين على نفسه فسيدنا الاستاذ ذهب إلى التخيير بينهما ولو كان أحدهما أقل ضررا والآخر أكثر ضررا ولكن عرفت المناقشة فيه لأنّ مع دوران الأمر بين الأقل والأكثر فالأقلية تصلح لمرجحية الطرف الأقل بعد كون أصل ايراد الضرر محرما.
ثم قال سيدنا الاستاذ قدسسره وعلى الرابع بأن دار الأمر بين ايراد أحد الضررين على شخصين كما لو اكره المكلف على ايراد الضرر إمّا على هذا أو على ذاك فلا اشكال في أنه يختار حينئذ أقل الضررين كما في بعض فروع الصورة الأولى إلّا إنّه يقسم بينهما على الظاهر هذا مقتضى التامل التام في مفاد القاعدة ولتكن على ذكر منه لعله ينفعك في غير مقام. (٣) ولا يخفى عليك إمكان المناقشة فيه بعد اختصاص أدلّة رفع الاكراه بما إذا كان ذلك امتنانا على الامة فاللازم عليه هو الاجتناب عن ايراد الضرر على الغير إلّا فيما إذا كان الضرر
__________________
(١) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٥٦٨.
(٢) الكفاية / ج ٢ ، ص ٢٧١.
(٣) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٥٦٨.