الفصل الثالث : في أصالة الاشتغال
انّه إذا كان الشك في المكلّف به مع العلم بالتكليف من الإيجاب أو التحريم وأمكن الاحتياط فالشك إما يكون من جهة تردد المعلوم بين المتباينين كتردد الواجب بين كونه جمعة أو ظهرا وإما يكون من جهة تردده بين الأقل والأكثر الارتباطيين كتردد الصلاة بين فاقد السورة وواجدها وعليه فالكلام فيه يقع في مقامين :
المقام الأوّل : في الشك في المكلّف به مع العلم بالتكليف وامكان الاحتياط ودوران الأمر بين المتباينين ومثاله ان يعلم بوجوب أحد الشيئين أو بحرمة أحدهما أو ان يعلم بوجوب فعل أمر أو ترك آخر مع امكان الاحتياط فيه بفعل هذا وترك ذاك كما إذا علم بخطاب الزامي وتردد بين كونه وجوب شيء كالدعاء عند رؤية الهلال وبين حرمة شيء آخر كشرب التتن والشك في هذا المثال راجع إلى العلم بجنس التكليف وتردده من حيث نوعه من الوجوب والحرمة والفرق بين هذا المثال والدوران بين المحذورين الذي مر بحثه في أصالة التخيير انما يكون في امكان الاحتياط في المقام وعدمه في الدوران بين المحذورين وإلّا ففي الموردين تعلّق العلم بجنس التكليف وكان الترديد في نوعه من الوجوب والحرمة.
ثمّ أنّه لا فرق في المقام بين كون العلم الإجمالي متعلقا بأصل التكليف والترديد في النوع وبين كونه متعلقا ببطلان إحدى الصلاتين في مرحلة الامتثال إذ الترديد في مورد العلم الإجمالي كما يمكن ان يكون في نوع التكليف أو متعلقه فكذلك يمكن ان يكون في مرحلة الامتثال بعد العلم التفصيلي بثبوت التكليف كما إذا علمنا اجمالا ببطلان احدى الصلاتين