أراد البلد وشك في وصوله إلى حدّ الترخص فإنّ حكمه هو استصحاب كونه في السفر واتيان صلاة المسافر فإذا خصصنا أدلّة الاحتياط بالفعليات فلا مانع من جريان الاستصحاب في هذا الفرع وإن علمنا اجمالا بمخالفة أحدهما للواقع ولا حاجة إلى الاحتياط لسقوط الواقع عن الفعلية.
اللهمّ إلّا أن يقال : بالغاء الخصوصية وعدم الفرق بين الفعليات والتدريجيات فحينئذ لا يترك الاحتياط في التدريجيات فتدبّر جيدا.
التنبيه الثاني : في موارد جواز الرجوع وعدمه إلى الأصل الطولي.
قال في مصباح الاصول إنّ الأصل الجاري في أحد طرفي العلم الإجمالي إمّا أن يكون من سنخ الأصل الجاري في الطرف الآخر أو يكون مغايرا له وعلى الأول إمّا أن يكون أحد الطرفين مختصا بجريان أصل طولي فيه دون الآخر أو لا يكون كذلك فهذه هي أقسام ثلاثة :
أمّا القسم الأوّل : وهو ما كان الأصل الجاري في طرف من سنخ الأصل الجاري في الطرف الآخر مع اختصاص أحدهما بأصل طولي كما إذا علم اجمالا بوقوع نجاسة في الماء أو على الثوب فإنّ الأصل الجاري في كلّ منهما مع قطع النظر عن العلم الإجمالي هو أصالة الطهارة ولا إشكال في سقوطها وعدم جريانها في كلّ الطرفين لما تقدم فلا يجوز التوضي بالماء ولا لبس الثوب في الصلاة إلّا أنّ العلم بالنجاسة لا أثر له في حرمة لبس الثوب بل يجوز لبسه مع العلم التفصيلي بالنجاسة فيبقى شرب الماء محتمل الحرمة والحلية لاحتمال نجاسته.
فهل تجري فيه أصالة الحل أو تسقط بالعلم الإجمالي كسقوط أصالة الطهارة وجهان :
ذهب المحقّق النائيني قدسسره إلى سقوطها للمعارضة بالأصل الجاري في الطرف الآخر وإن كان واحدا فالتزم بعدم جواز شرب الماء في المثال لعدم المؤمن من احتمال العقاب عليه ولكنّ التحقيق جريانها وعدم معارضتها بأصالة الطهارة في الطرف الآخر.
وذلك لما عرفت من أنّ العلم الإجمالي بالتكليف لا يوجب تنجز الواقع إلّا بعد تساقط