ثانياً : مباحث الإمامة :
وهي مباحث كثيرة جدّاً ومتشعّبة ، وقد أحتلّت مساحة واسعة من الجهد الفكري والنتائج التصنيفي للمدرسة الشيعية في الكوفة ، ويعكس هذا الاهتمام حرص المدرسة الكُوفية الشيعية على شغل الفراغ الفكري الذي كابده المخالفون بسبب فشل نظريّتي الشورى والتوريث عندهم ، وعدم انتظام أمر البلاد الإسلامية تحت كنف سلطة عادلة ، تحكم بالقرآن وتعمل بأحكام الإسلام البعيدة عن التحريف والتشويه ، وقد أثمر هذا الجهد التصنيفي باتّساع رقعة المستبصرين كمّاً ونوعاً ، وتقوية الوجود الشيعي ، بعمقه البشري ، وإرثه الحضاري والفكري ، في حواضر مختلفة من البلاد الإسلامية.
لقد أظهرت الأصول والكتب الشيعية المصنّفة في موضوعة الإمامة وجود خطّين عند المُحَدِّثين في طرح المسائل الخلافية ؛ الأوّل يقوم على بيان مرويّات التنصيص الشرعي على الإمامة من الآيات والأحاديث النبوية الشريفة ، مع التركيز على الأسانيد المشتملة على رجال العامّة وحفّاظهم ، ويدخل تحت هذا القسم روايات المناقب التي امتازت بقوّة وغزارة الإسناد وتنوّع المصادر ، أمّا القسم الثاني فقد ركّز على تعرية الموروث المقدّس عند العامّة ، وكشف عوار نظريّات التقديس والتصنيم ، فكانت كتب ومصنّفات المثالب من أهمّ محطّات المواجهة مع الآخر ، ومن أكثر أنواع التصنيفات خطراً وتهديداً لشرعية النظرية العقائدية لمدرسة المخالفين لأهل البيت عليهمالسلام ، وهي بلا شكّ من أكثر الأساليب تأثيراً في توهين المباني الشرعية لنظرية