الشرح والتوضيح في تفسير النعماني هو بحث المحكم والمتشابة. ولتوضيح رؤية هذا التفسير لا مندوحة لنا من ذكر منشأ هذا البحث وبعض المسائل الرئيسة المرتبطة به.
منشأ مصطلح المحكم والمتشابه :
إنّ مصطلح المحكم والمتشابه مقتبس من الآية السابعة من سورة آل عمران ، إذ يقول الله سبحانه وتعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)(١).
لقد شغل بحث المحكم والمتشابه منذ القدم حيّزاً واسعاً وكبيراً من تفكير العلماء. وقد كان شرح مضمون المحكم والمتشابه ، وتعيين مصاديق هذين المصطلحين ، والعمل على رفع الغموض والإبهام عن الآيات المتشابهة ، وبيان المعنى الصحيح للآيات المتشابهة ، وبيان الحكمة من هذه الآيات يعدّ من بين الجهود التي بُذلت في هذا المجال.
إنّ السؤال الذي يتصدّر هذا البحث عادة هو : هل أنّ العلم بالآيات المتشابهة من اختصاص الذات الإلهية فقط ، أو أنّ للراسخين في العلم طريقاً إلى هذا العلم أيضاً ، يُحدِّد أسلوب التعاطي مع الآيات المتشابهة؟ وإنّ الإجابة عن هذا التساؤل ترتبط بكيفية تركيب الآية وتأليفها ؛ فإن كانت عبارة
__________________
(١) آل عمران : ٧.