تحقيقها من الوجهة العلمية ، فيجب أن يُراعى فيه الحصول على المزيد من النسخ ، أو أن يكون في التحقيقات السابقة من العيوب ممّا يستوجب الإعادة.
ولابدّ للمحقّق أن يكون مقيّداً بالمنهجية العلمية في التحقيق ، وأن يوفّر للتحقيق مقوّماته التي يجب أن يراعيها فيه ، من الأخذ بنظر الاعتبار الفائدة المتوخّاة من التحقيق ، وعدم التكرار ، وتعدّد النسخ ، والاعتماد على نسخة المؤلّف قدر الإمكان ، أو المنقولة عن خطّ المؤلّف ، أو المقابلة على أصل مقابل على نسخة المؤلّف ، وإلاّ فالأقرب ثمّ الأقرب إلى عهد المؤلّف ، وكون المؤلّف حيّاً في زمن الاستنساخ ، والتثبُّت من صحّة النصّ ، وتوفّر الشروط في النسخة ، وأن يكون المحقّق ملمّاً بالعلم الذي تتناوله النسخة وملمّاً بلغة المتن الذي يقوم بتحقيقه لتلافي الأخطاء التي وقع فيها المحقّقون المستشرقون نتيجة عدم تضلّعهم باللغة العربية ، وأن يكون المحقّق أميناً في نقل المتون والنصوص ، وإحراز كون الناسخ كذلك ملمّاً باللغة التي يستنسخ النسخة منها ، وكون الناسخ معروفاً بالاستنساخ؛ لأنّ ذلك يورث الإطمئنان بالنسخة والاعتماد إليها ، وجمع النسخ المتوفّرة من المتن والمقابلة بينها ، وتثبيت الفروق بين النسخ من دون التمييز بين ما يستدعي الإشارة إليه في المقام أو ممّا لا يستدعي ذلك ، ومن دون التمييز بين ممّا فائدة في الإشارة إليه أو لا فائدة من ذلك ، ومن دون التمييز بين ما يكون من أخطاء النسّاخ وتصحيفاتهم وعدمه ، ولابدّ للمحقّق من الاهتمام بأوصاف النسخ المعتمدة في التحقيق وصفاً يبرز أهمّ ملامح المخطوطة ، والاستفادة في التحقيق من المصادر المعتبرة ، وأن يلاحظ في المصادر الأقدمية ، والحيادية وعدم الجنوح إلى توجيه النصوص بما يملي عليه معتقده ، والاطلاع على ما في أيدي المحقّقين من كتب ورسائل لكي لا يحدث التكرار.
وما ذلك إلاّ غيض من فيض ، ونسأل الله أن يوفّق المهتمّين بالتراث ممّن يسعى إلى الكشف عن أسراره وفتح مغاليقه والغور في مكنوناته.