قال المأمون : فخبّروني عن إسلام علي كان بإلهام من قبل الله تعالى. فإن قلتم : بإلهام ، فقد فضّلتموه على النبي صلىاللهعليهوآله! لأنّ النبيّ لم يُلهم بل أتاه جبرئيل داعياً عن الله تعالى! وإن قلتم بدعاء النبي صلىاللهعليهوآله ، فهل دعاه من قبل نفسه؟ أو بأمر الله تعالى؟ فإن قلتم من قبل نفسه فهذا خلاف ما وصف الله تعالى به نبيّه في قوله تعالى : (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (١)) وفي قوله تعالى : (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٢)). وإن كان من قبل الله تعالى فقد أمر الله تعالى نبيّه بدعاء علي من بين صبيان الناس وإيثاره عليهم فدعاه ، ثقةً به وعلماً بتأييد الله تعالى له.
قال : وخُلّة أُخرى : خبّروني عن الحكيم هل يجوز أن يكلّف خلقه ما لا يطيقون؟ فإن قلتم : نعم ، فقد كفرتم! وإن قلتم : لا ، فكيف يجوز أن يأمر نبيّه بدعاء من لا يمكنه قبول ما يؤمر به لصغره وحداثة سنّه وضعفه عن القبول؟!
قال : وخُلّة أُخرى : هل رأيتم النبي صلىاللهعليهوآله دعا أحداً من صبيان أهله وغيرهم فيكونوا أُسوة بعلي؟ فإن زعمتم أنه لم يدعُ غيره فهذه فضيلة لعلي على جميع صبيان الناس.
ثمّ قال : وبعد السبق إلى الإيمان أي الأعمال أفضل؟ قالوا : الجهاد في سبيل الله.
قال : فهل تجدون لأحد من «العشرة» في الجهاد ما لعلي في جميع مواقف النبيّ من الأثر؟ هذه بدر قُتل فيها من المشركين نيف وستون رجلاً ، قَتل علي منهم نيفاً وعشرين ، وأربعون لسائرهم.
فقال قائل : كان أبو بكر مع النبيّ في عريشه يدبّرها!
__________________
(١) ص : ٨٦.
(٢) النجم : ٣ و ٤.