تفصيلا للعقل الحاكم به فان ادرك العقل بقاء الموضوع فى الآن الثانى حكم به حكما قطعيا كما حكم اولا وان ادرك ارتفاعه قطع بارتفاع ذلك الحكم ولو ثبت مثله بدليل لكان حكما جديدا حادثا فى موضوع جديد.
واما الشك فى بقاء الموضوع فان كان لاشتباه خارجى كالشك فى بقاء الاضرار فى السم الذى حكم العقل بقبح شربه فذلك خارج عما نحن فيه وسيأتى الكلام فيه وان كان لعدم تعيين الموضوع تفصيلا واحتمال مدخلية موجود مرتفع او معدوم حادث فى موضوعية الموضوع فهذا غير متصور فى المستقلات العقلية لان العقل لا يستقل بالحكم الا بعد احراز الموضوع ومعرفته تفصيلا فلا يعقل اجمال الموضوع فى حكم العقل مع انك ستعرف فى مسئلة اشتراط بقاء الموضوع ان الشك فى الموضوع خصوصا لاجل مدخلية شيء مانع عن اجراء الاستصحاب.
فان قلت فكيف يستصحب الحكم الشرعى (١) مع انه كاشف عن حكم
__________________
ـ اما الاول فقد عرفت انه غير معقول مضافا الى عدم جريان الاستصحاب مع الشك فى بقاء الموضوع كما ستعرف ، واما الثانى فستعرف انه خارج عن البحث اذا الكلام فى استصحاب الحكم لا الموضوع الخارجى (م ق)
١ ـ حاصله ان مقتضى الملازمة بين حكم العقل والشرع ان يكون موضوع حكم الشرع هو موضوع حكم العقل اذ لو حكم على موضوع مباين او مخالف لم تصدق الملازمة ، ومقتضاه عدم جريان الاستصحاب فى الاحكام الشرعية ايضا لانه لا معنى للشك فيها مع العلم ببقاء موضوعاتها فلا محالة يرجع الشك فيها الى الشك فى الموضوع ، وقوله كاشف عن حكم عقلى : اى ملازم له ، وحاصل الجواب ان الاحكام الشرعية على قسمين احدهما ما استند الى حكم العقل ولا ريب فى اتحاد موضوعه مع موضوع العقل اذ العقل يكشف عن حكم الشرع على الموضوع الذى حكم عليه ، ولا يجرى الاستصحاب فيه كنفس حكم العقل والثانى ما لم يكن مستندا اليه وان كان واردا فى مورده كالوديعة التى ثبت وجوب ردها عقلا وكتابا وسنة وهو الذى اشار اليه بقوله نعم لو ورد : فلا بأس بجريانه فيه