(قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) دل على ان ما ليس باذن من الله من اسناد الحكم الى الشارع فهو افتراء ، ومن السنة قوله (ص) فى عداد القضاة من اهل النار رجل قضى بالحق وهو لا يعلم ، ومن الاجماع ما ادعاه الفريد البهبهانى فى بعض رسائله من كون عدم الجواز بديهيا عند العوام فضلا عن العلماء. ومن العقل تقبيح العقلاء من يتكلف من قبل مولاه بما لا يعلم بوروده عن المولى ولو كان جاهلا مع التقصير ، نعم قد يتوهم متوهم ان الاحتياط من هذا القبيل وهو غلط واضح ، اذ فرق بين الالتزام بشىء من قبل المولى على انه منه مع عدم العلم بانه منه ، وبين الالتزام باتيانه لاحتمال كونه منه او رجاء كونه منه وشتان ما بينهما لان العقل يستقل بقبح الاول وحسن الثانى.
هذا وقد يقرر الاصل هنا بوجه آخر وهو ان الاصل عدم الحجية وعدم وقوع التعبد به وايجاب العمل به ، وفيه ان الاصل (١) وان كان ذلك إلّا انه لا يترتب
__________________
ـ التقصير ، فالآية دالة على حرمة الجميع ، وقوله فى عداد القضاة اه ، العداد ككتاب يقال فلان فى عدادهم اى واحد منهم والرواية رواها محمد بن خالد مرفوعا الى ابى عبد الله قال : القضاة اربعة ثلاثة فى النار وواحد فى الجنة رجل قضى بجور وهو يعلم فهو فى النار ورجل قضى بجور وهو لا يعلم انه قضى بجور فهو فى النار ورجل قضى بحق وهو لا يعلم فهو فى النار ورجل قضى بحق وهو يعلم فهو فى الجنة (ش)
١ ـ لان مرجعه الى الاستصحاب العدمى فى الحوادث المشكوكة ، اذ حجية الظن والتعبد به وايجاب العمل به من الامور الحادثة فيستصحب عدمها فيثبت به ما كان مرتبا على عدم هذا الحادث المشكوك فيه وهى حرمة العمل بالظن ، وحاصل الجواب : ان المقصود من استصحاب عدم الحجية اثبات حرمة العمل بالظن ويكفى فى ثبوتها مجرد الشك وعدم العلم بالحجية من دون حاجة الى اثبات عدم الحجية ، وذلك لان وجوب التعبد بالظن وإن كان من الآثار الشرعية المترتبة على الحجية الواقعية ولا بد فى اثباته من العلم بالحجية وجدانا او شرعا ، إلّا ان حرمة التعبد به يكفى فى اثباتها عدم العلم