أبو بكر أحمد البيهقي (١) في كتابه شعب الإيمان قال : اختلف الناس في أمر المهدي ، فتوقّف جماعة وأحالوا العلم إلى عالمه ، واعتقدوا أنّه واحد من أولاد فاطمة بنت رسول اللَّه صلىاللهعليهوآله ، يخلقه اللَّه متى شاء يبعثه نصرة لدينه ، وطائفة يقولون : إنّ المهدي الموعود ولد يوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، وهو الإمام الملقّب بالحجّة القائم المنتظر محمّد ابن الحسن العسكري ، وأنّه دخل السرداب بسرّ من رأى وهو حي مختف عن أعين الناس منتظر خروجه ، وسيظهر ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً ، ولا امتناع في طول عمره وامتداد أيّامه كعيسى بن مريم والخضر عليها السلام ، وهؤلاء الشيعة خصوصاً الإماميّة ووافقهم عليه جماعة من أهل الكشف (٢) ، انتهى .
وقوله : ووافقهم عليه جماعة من أهل الكشف . هو ما قلنا ، والمعروفون منهم في طبقة البيهقي المتوفّي سنة ٤٥٨ : الحلّاج ، والجنيد ، وأبو الحسن الورّاق ، وأبو بكر الشبلي ، وأبو علي الرودباري ، وسهل بن عبد اللَّه التستري ، وأضرابهم ، واللَّه العالم .
وأمّا المتأخّرون عن البيهقي من مشايخ الصوفيّة القائلون بذلك أيضاً فأعدّهم واحداً واحداً حسبما يحضرني من كلامهم ونصوصهم :
الأوّل : أحد أركان هذه الطائفة ومن له المقام الأرفع من مقام القرب الشيخ الأكبر محي الدين أبو عبد اللَّه محمّد بن عليّ المعروف بابن العربي ،
__________________
(١) أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي الخسروجردي البيهقي ، الفقيه الشافعي الحافظ المشهور صاحب التصانيف ، ولد سنة ٣٨٤ ه ، وتوفّي سنة ٤٥٨ ه . تذكرة الحفاظ ٣ : ١١٣٢ / ١٠١٤ .
(٢) عنه في كشف الأستار : ٩٨ .