الْيَتَمَى حَتَّى إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ ءَانَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَ لَهُمْ وَ لَا تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافًا وَ بِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ ) (١) فهذا لا يجوز تسليم ماله إليه حتّى يبلغ النكاح و يؤنس منه الرشد كما ذكر اللَّه تعالى ذلك في كتابه ، فكيف يكون من يستحقّ الحجر عليه في بدنه وماله إماماً لجميع المسلمين معصوماً لا يكون أحد مؤمناً إلّا بالإيمان به (٢) ؟ ! .
فأقول : قد جاء القرآن بما أعطاه اللَّه ليحيى بن زكريا من الحكمة في حال طفوليته ، وبما أعطاه عيسى بن مريم في وقت صباه .
فإن ادّعى ابن تيميّة عدم الإمكان مطلقاً فقد كفر بتكذيب القرآن ، و إن اعترف بالإمكان وطلب الدليل على إعطاء رتبة الولاية للمهدي في حال صباه فليس هذا تقرير هذا السؤال بل صريح كلامه خلافه .
فنقول : يا محروم ليس كلّ صغير محجوراً عليه بالضرورة ، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري في شرح حديث الصدقة : إنّ الحسن بن علي بن أبي طالب كان ينظر في أيّام رضاعه إلى اللوح ، و إنّ علومهم لدنيّة ليس بالاكتساب حتّى يتوقّف على البلوغ (٣) .
وقال ابن حجر المكّي : ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمّد الحجّة ، وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين لكن آتاه اللَّه فيها الحكمة ، إلى آخر ما مرّ (٤) .
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ٦ .
(٢) منهاج السنّة ٤ : ٨٨ ـ ٨٩ .
(٣) انظر الصوارم المهرقة : ٣١٣ ، وإحقاق الحق ٢ : ٣١٢ و ٣ : ١٩٣ ـ ١٩٤ ، وكشف الأستار : ٢٢٤ .
(٤) الصواعق المحرقة ٢ : ٤٨١ .