ومحمّد خواجه پارسا ، والنور الجامي ، والشيخ الحمويني ، وكلّ من تقدّم ذكره ونقلنا نصّه من طبقات العلماء (١) ، فلا أقل أن يرعى قدماء العرفاء القائلين به حسبما حكاه الإمام أبو بكر البيهقي في شعب الإيمان ، وقد عرفت نصّه على ذلك (٢) ، ما كلّ هؤلاء بمجانين ، فالمنصف إن لم يحصل ما حصلوا ينبغي له التوقّف وعدم الإنكار والتكذيب ؛ إذ لا استبعاد في ذلك عند التأمّل ، ولا طريق عقلي ولا نقلي على القطع بالعدم ، فليس مسلك ابن تيميّة إلّا مسلك المعاندين الناصبين ، نعوذ باللَّه من ذلك .
إنكار ابن تيميّة طول الأعمار في هذه الاُمّة :
ثمّ قال ابن تيميّة : ثمّ عمر واحد من المسلمين هذه المدّة أمر يعرف كذبه بالعادة المطّردة في اُمّة محمّد ، فلا يعرف واحد ولد في زمن الإسلام عاش مائة وعشرين سنة فضلاً عن هذا العمر ، وقد ثبت في الصحيح عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال في آخر عمره : « أرأيتكم ليلتكم هذه ، فإنّ على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممّن هو اليوم عليها أحد » (٣) فمن كان في ذلك الوقت له سنة ونحوها لم يعش أكثر من مائة سنة قطعاً ، و إذا كانت الأعمار في ذلك العصر لا تتجاوز هذا الحدّ فما بعده من الأعصار أولى بذلك في العادة الغالبة العامة ، فإنّ أعمار بني آدم في الغالب كلّما تأخّر الزمان قصرت ولم تطل ، فإنّ نوحاً عليهالسلام لبث في قومه
__________________
(١) راجع من ص : ١٩ وما بعدها .
(٢) راجع ص : ٥٢ ـ ٥٣ .
(٣) مسند أحمد ٢ : ١٢١ ، صحيح البخاري ١ : ١٢٠ ب ٨٤ / ١١٤ ، صحيح مسلم ٤ : ١٩٦٥ / ٢٥٣٧ ، سنن أبي داوُد ٤ : ١٢٥ .