ألف سنة إلّا خمسين عاماً (١) ، وآدم عليهالسلام عاش ألف سنة كما ثبت ذلك في حديث صحيح رواه الترمذي وصححّه (٢) ، فكان العمر في ذلك الزمان طويلاً ، ثمّ أعمار هذه الاُمّة ما بين الستّين إلى السبعين وأقلّهن من يجوز ذلك كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح (٣) (٤).
في الجواب عن ذلك :
أقول : ما هذا إلّا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً فإذا جاءه لم يجده شيئاً ، لأنّ العاقل يعلم أنّ الزمان لا تأثير له في الأعمار وأنّ زيادتها ونقصانها من فعل قادر مختار يغيّرها في الأوقات بحسب ما يراه من الصلاح ، ولسنا ننكر أنّ اللَّه سبحانه قد أجرى العادة اليوم بأقدار متقاربة في الأعمار يخالف ما كان في متقدّم الزمان ، غير أنّ هذا لا يحيل طول عمر بعض الناس إذا كان ممكناً من القادر المعطي للأعمار ، وقد أتت الأخبار بذكر المعمّرين كانوا في قريب الزمان ، فلا طريق إلى دفع ما ذكرناه مع هذا الإيضاح .
وأمّا قوله : قد ثبت في الصحيح عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال في آخر عمره : «أرأيتكم ليلتكم هذه فإنّ على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممّن هو اليوم عليها أحد « فليس إخباراً عن تحديد غاية أعمارهم وأنّها لا تتجاوز المائة سنة كما توهّمه ابن تيميّة تبعاً للبخاري (٥) ، و إنّما هو
__________________
(١) الكامل في التاريخ ١ : ٦٨ ، وانظر بحار الأنوار ١١ : ٢٩٠ .
(٢) سنن الترمذي ٥ : ١٢٣ / ٣٤٢٧ ، وانظر الكامل في التاريخ ١ : ٥٠ ـ ٥١ .
(٣) سنن الترمذي ٥ : ٢١٣ / ٣٦٢٠ الباب ١٣ ، المستدرك للحاكم ٢ : ٤٢٧ .
(٤) منهاج السنّة ٤ : ٩٣ .
(٥) صحيح الخاري ١ : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ذيل الأثر : ٥٦٧ .