كل علم ، علما على حدة ، كما هو واضح لمن كان له أدنى تأمّل ، فلا يكون الاختلاف بحسب الموضوع أو المحمول موجبا للتعدّد ، كما لا يكون وحدتهما سببا لأن يكون من الواحد.
ثم إنّه ربما لا يكون لموضوع العلم ـ وهو الكلّي المتّحد مع موضوعات المسائل ـ عنوان خاص واسم مخصوص ، فيصحّ أن يعبّر عنه بكل ما دلّ عليه ، بداهة عدم دخل ذلك في موضوعيته أصلا.
______________________________________________________
مختلفة كذلك.
بل الصحيح هو القول بأنّ جامع مسائل علم النحو هو الغرض الملحوظ لمدوّن العلم ابتداء ، وحيث لم يكن ذلك الغرض مترتبا على مسألة ظهور صيغة الأمر في الوجوب ، فلم تجعل من مسائل علم النحو بخلاف مسألة رفع الفاعل ، وقد ظهر أنّ المراد بالتمايز هو التمايز عند تدوين العلم وأمّا تمايز العلوم عند المتعلّم ، فله طرق متعدّدة.
وبالجملة كلّ مسألة من مسائل العلم ، وإن كانت لها خصوصية واقعية ، تكون موجبة لترتّب ثمرة مخصوصة عليها إلّا أنّ تلك الخصوصية لا تكون موجبة لتمايزها عن مسائل العلم الآخر في نظر المدوّن بل المائز لها عنده هو الغرض الداعي إلى التدوين.
هذا كلّه فيما كان المهم من مسائل العلم أمرا مترتبا عليها بأن يكون العلم بتلك المسائل موجبا لحصوله وفي مثل ذلك يكون المهم المزبور المعبّر عنه بغرض التدوين جامعا لمسائل العلم ومميّزا لها عن مسائل علم آخر. وأمّا إذا لم يكن المهم كذلك بل كان المهم نفس معرفة تلك القضايا ، كما في علم التاريخ حيث إنّ المهم فيه معرفة أحوال الملل والبلاد وحوادثها في الماضي والحاضر ، يكون امتياز قضاياه