خامسها : إنّ المراد بالحال في عنوان المسألة ، هو حال التلبس [١] لا حال النطق ضرورة أن مثل (كان زيد ضاربا أمس) أو (سيكون غدا ضاربا) حقيقة إذا كان متلبسا بالضرب في الأمس ، في المثال الأول ، ومتلبسا به في الغد في الثاني ، فجري المشتق حيث كان بلحاظ حال التلبس ، وإن مضى زمانه في أحدهما ، ولم يأت بعد في آخر ، كان حقيقة بلا خلاف ، ولا ينافيه الاتفاق على أن مثل (زيد ضارب غدا) مجاز ، فإنّ الظاهر أنّه فيما إذا كان الجري في الحال ، كما هو قضية الإطلاق ، والغد إنّما يكون لبيان زمان التلبس ، فيكون الجري والاتصاف في الحال ، والتلبس في الاستقبال.
______________________________________________________
[١] تعرّض قدسسره في هذا الأمر لبيان المراد من الحال الوارد في عنوان المسألة ، وظاهر كلامه أنّ المراد به فعليّة المبدأ للذات ، حيث إنّ انطباق معنى المشتق على الذات مع فعلية تلبّسها بالمبدإ ليس محلّ كلام ، وإنّما الكلام في انطباق معناه عليها مع انقضاء تلبّسها بالمبدإ ، وعلى ذلك فإن كان حمل معنى المشتق على الذات وتطبيقه عليها مع فعلية المبدأ لها ، كان الحمل والتطبيق حقيقيين ، سواء كانا في الزمان الماضي أو الحال (أي زمان النطق) أو المستقبل. وأمّا لو كان حمله عليها وتطبيقه بلحاظ انقضاء الفعلية ، فكونهما حقيقيين مبنيّ على سعة معنى المشتق ، وعلى كل تقدير ، فلا عبرة بزمان النطق المعبّر عنه بالزمان الحال ، نعم يحمل عليه حال الفعلية فيما إذا لم تكن في البين قرينة على تعيينها في غيره.
وذكر المحقّق النائيني قدسسره أنّ الحال يطلق على معان ثلاثة ؛ الأوّل : زمان النطق الذي تقدّم عدم دخله في معنى المشتق. والثاني : زمان التلبّس يعني زمان تلبّس الذات بالمبدإ. والثالث : فعليّة التلبّس بالمبدإ وأنّ المراد بالحال في عنوان المسألة هو المعنى الثالث لا الثاني ، ونسب إلى كثير من الأعلام ، منهم صاحب الكفاية قدسسره ،