القواعد الفقهية :
وكيف ما كان فقد ظهر مما ذكرنا خروج القواعد الفقهية التي لا يستنبط منها نفس الحكم الشرعي الكلّي من حيث تنجزه وعدمه عن مسائل علم الأصول ، فإنّ تلك القواعد بأنفسها أحكام شرعية عملية تكليفيّة كانت أم وضعيّة ، وضمّها إلى صغرياتها من قبيل تطبيق الكبرى الشرعية العملية على صغراها ، لا من الاستنباط.
وتوضيح ذلك : أنّ القواعد الفقهية على قسمين :
الأوّل : ما يكون مدلولها حكما فرعيا ثابتا لعنوان تندرج تحته الجزئيات الخارجية فقط ، كما في نجاسة الخمر وحرمة شربه ، ولا مورد لتوهّم النقض في هذا القسم ، حيث لا يثبت بضمّها إلى صغراها إلّا الحكم الجزئي الفرعي لا الكلّي.
الثاني : ما يكون مدلولها حكما شرعيا ثابتا لعنوان تندرج تحته العناوين الكلية ، كقاعدة «ما يضمن وما لا يضمن» فإنّ موضوعها العقد ، ويندرج تحته البيع والإجارة والقرض والمصالحة وغير ذلك من أنواع العقود ، فتكون النتيجة في هذا القسم بعد تطبيقها على صغرياتها ثبوت الحكم الكلي ، ولكن هذا من باب التطبيق لا الاستنباط فإنّ الملازمة على تقدير ثبوتها ، شرعية بمعنى أنّ الشارع قد أخذ في موضوع حكمه بالضمان في العقد الفاسد ، ثبوت الضمان في صحيحه ، نظير الملازمة بين وجوب القصر على المسافر ووجوب الإفطار ، فإنّ مرجعها إلى أنّ الشارع قد جعل السفر الموضوع لوجوب القصر موضوعا لوجوب الإفطار أيضا ، إلّا ما استثني ، وهذا بخلاف الملازمة بين إيجاب شيء وإيجاب مقدمته ، فإنّها أمر واقعي قد كشف عنه العقل أو هي بنفسها حكم العقل ، ولذا يكون القول بها مصححا لاستنباط حكم