ومن مطاوي ما ذكرنا ـ هاهنا وفي المقدمات ـ ظهر حال سائر الأقوال ، وما ذكر لها من الاستدلال ، ولا يسع المجال لتفصيلها ، ومن أراد الاطلاع عليها فعليه بالمطولات.
بقي أمور :
الأوّل : إنّ مفهوم المشتق [١]
______________________________________________________
بساطة معنى المشتق :
[١] لا ينبغي التأمّل في أنّ معنى المشتق كما أنّ مادّته موضوعة لمعنى ، كذلك هيئته موضوعة لمعنى ، وإذا كان كذلك فاللازم فرض معنى للهيئة غير معنى المادة السارية في جميع المشتقات ، ولا يمكن أن يكون معنى الهيئة مجرد أنحاء التلبّسات ، بأن تكون كلّ هيئة من هيئات المشتقات موضوعة لنحو من أنحائها ، كما هو الحال في هيئة الفعل الماضي المعلوم أو المجهول ، وكذا في هيئة الفعل المضارع ، وإلّا لم يصحّ جعله محكوما عليه في مثل قوله سبحانه (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)(١) ممّا لا يكون على موصوف ، بل لا جعله محمولا على الذات في مثل قوله زيد ضارب ، فإنّ ملاك الحمل في مثله الاتحاد الخارجي ، ومن الظاهر أنّ واقع التلبّس بالضرب صدورا غير (زيد) خارجا ، لا أنّه هو هو.
وبتعبير آخر : تحقّق المبدأ فيما كان عرضا وإن كان بعين وجود موضوعه ، إلّا أنّ وجود موضوعه غير وجوده ، فلا وجه لما هو المعروف من أنّ الفرق بين المبدأ والمشتق هو الفرق بين بشرط لا ولا بشرط ، بمعنى أنّ المبدأ فيما إذا لوحظ في مقابل الذات يكون مدلولا للمصدر ، وإذا لوحظ بما أنّه متحد مع الذات وأنّه شأن
__________________
(١) سورة المائدة : الآية ٣٨.