ومن الواضح أنّ ملاك الحمل لحاظ نحو اتحاد بين الموضوع والمحمول ، مع وضوح عدم لحاظ ذلك في التحديدات وسائر القضايا في طرف الموضوعات ، بل لا يلحظ في طرفها إلّا نفس معانيها ، كما هو الحال في طرف المحمولات ، ولا يكون حملها عليها إلّا بملاحظة ما هما عليه من نحو من الاتحاد ، مع ما هما عليه من المغايرة ولو بنحو من الاعتبار.
______________________________________________________
الاوّل : أن يكون بين الموضوع والمحمول مغايرة ما ، لئلّا يلزم حمل الشيء على نفسه أو قيام النسبة بين الشيء ونفسه ، فالحمل يقتضي التغاير بين الموضوع والمحمول ليكون هذا موضوعا وذاك محمولا.
والثاني : أن يكون بينهما نحو من الاتّحاد ليصحّ حمل الثاني على الأوّل ، وعلى ذلك فقد يكون الاتحاد والتغاير كلاهما في مقام الذات والمفهوم ، كتحديد الإنسان بأنّه حيوان ناطق ، حيث إنّ التغاير بين الموضوع والمحمول بالإجمال والتفصيل مع اتّحادهما ذاتا ومفهوما ، فيكون الحمل أوليّا ذاتيّا ، وقد يكون التغاير بالمفهوم ، والاتحاد بحسب الوجود ، فالحمل فيه شائع صناعي ، كما في حمل الناطق أو الجسم على الإنسان الخارجي ، ومن هذا القبيل حمل المشتق على الذات ، مثل (الإنسان كاتب) أو (زيد ضارب) ، فلو كان بين الشيئين تغاير بحسب الذات والمفهوم ، وبحسب الوجود مطلقا ، ذهنا وخارجا ، لم يكن للحمل مصحّح ، كما في قولنا : (زيد علم) أو (أنّه ضرب) أو غير ذلك.
وقد أضاف صاحب الفصول قدسسره على ملاك الحمل أمرا آخر ، وهو أن يكون بين الموضوع والمحمول تغاير ذاتا ووجودا ، واتّحاد اعتبارا ، ومثّل لذلك بقوله (الإنسان ناطق) أو (جسم) (١) ، وعبارة الماتن قدسسره في الأمر الثالث : «ولا يعتبر معه ملاحظة
__________________
(١) الفصول الغروية : ص ٥٠.