وإن اتحدا عينا وخارجا ، فصدق الصفات ـ مثل : العالم ، والقادر ، والرحيم ، والكريم ، إلى غير ذلك من صفات الكمال والجلال ـ عليه تعالى ، على ما ذهب إليه أهل الحق من عينية صفاته ، يكون على الحقيقة ، فإنّ المبدأ فيها وإن كان عين ذاته تعالى خارجا ، إلّا أنّه غير ذاته تعالى مفهوما.
ومنه قد انقدح ما في الفصول ، من الالتزام بالنقل أو التجوز في ألفاظ الصفات
______________________________________________________
والقدرة مغاير لذات الحق (جل وعلا) فلا إشكال في حمل عنوان العالم والقادر عليه سبحانه.
وما في الفصول من أنّ الصفات الجارية عليه (سبحانه) منقولة عن معانيها الأوّليّة ، أو مستعملة في غيرها مجازا ، وبتلك المعاني المنقولة إليها أو المجازية تحمل عليه (سبحانه) (١) لا يمكن المساعدة عليه ، حيث لا ملزم لما التزم به ، بعد عدم مغايرة المبدأ مع الذات وجودا.
أقول : لا يعتبر في صدق المشتق وحمله على الذات مغايرتها مع المبدأ حتّى مفهوما ، وآية ذلك صدق المنير على النور ، والموجود على الوجود ونحوهما ، والوجه في ذلك أنّ الذات المأخوذة في معنى المشتق أمر مبهم سيّال حتّى في نفس المبدأ.
والحاصل : أنّه لا يعتبر في حمل المشتق تغاير المبدأ مع الذات المحمول عليها حتّى مفهوما ، بل ولا تغايره مع معنى المشتق ولو اعتبارا.
وقد يورد على ما ذكرنا ـ من عدم اعتبار المغايرة وأنّ الذات المأخوذة في معنى المشتق مبهمة تصدق على نفس المبدأ ـ بأنّه يلزم صدق الضارب على الضرب ، والقاتل على القتل ، إلى غير ذلك ، مع أنّ قول القائل (الضرب ضارب)
__________________
(١) الفصول الغروية : ص ٥٠.