والتحقيق : إنّه لا ينبغي أن يرتاب من كان من أولى الألباب ، في أنّه يعتبر في صدق المشتق على الذات وجريه عليها ، من التلبس بالمبدإ بنحو خاص ، على اختلاف أنحائه الناشئة من اختلاف المواد تارة ، واختلاف الهيئات أخرى ، من القيام صدورا أو حلولا أو وقوعا عليه أو فيه ، أو انتزاعه عنه مفهوما مع اتحاده معه خارجا ، كما في صفاته تعالى ، على ما أشرنا إليه آنفا ، أو مع عدم تحقق إلّا للمنتزع عنه ، كما في الإضافات والاعتبارات التي لا تحقق لها ، ولا يكون بحذائها في
______________________________________________________
وعلى ذلك فلا يبقى إشكال في صفات الذات الجارية على ذات الحق (جلّ وعلا) ، حيث يكون المبدأ مغايرا له (سبحانه) مفهوما ، ومتحدا معه عينا ، وقد تقدّم أنّ هذا أحد أنحاء التلبّس ، فيكون حمل العالم والقادر عليه (سبحانه) حقيقة ، حيث لم يعتبر في صدقها إلّا التلبّس بمبدإ العلم والقدرة ، لا التلبّس بهما بنحو قيام العرض بمعروضه ، وعدم اطلاع العرف على التلبّس العيني لا يضرّ بكون انطباقهما عليه (تعالى) بنحو الحقيقة ، فإنّ نظر العرف متبع في تشخيص معنى اللفظ ، وأمّا أنّ انطباقه على مورد بنحو الحقيقة ، بعد وضوح المفهوم ، فالمتبع فيه نظر العقل.
أقول : كان ينبغي للماتن قدسسره أن يضيف إلى اختلاف أنحاء التلبّس اختلاف الذوات ، فإنّ اختلافها كاختلاف المبادئ والهيئات.
ثمّ ذكر قدسسره أنّه لا مجال لدعوى صاحب الفصول قدسسره أنّ الصفات الجارية عليه (سبحانه) منقولة ، أو مستعملة في غير معانيها اللغوية مجازا ؛ ولذا لا تصدق على غيره (سبحانه) وتكون أسمائه تعالى توقيفية.
والوجه فيه ، مضافا إلى ما ذكر من صدقها عليه (سبحانه) بما لها من المعاني لغة ، أنّ النقل أو التجوّز يوجب كون تلك الألفاظ مجرّد لقلقة وألفاظا بلا إرادة المعنى ، فإنّ معانيها المنقولة إليها ، أو المستعملة فيها مجازا ، مجهولة لنا.