الأمر الثاني
الوضع هو نحو اختصاص للّفظ بالمعنى [١]
______________________________________________________
حقيقة الوضع :
[١] مراده قدسسره ؛ إن اللّفظ يتّصف بكونه موضوعا فيما إذا عيّن بإزاء معنى لتفهيمه بذلك اللفظ في مقام التخاطب ، ويتّصف أيضا بكونه موضوعا فيما إذا تكرّر استعماله في معنى بنصب القرينة ورعاية العلاقة إلى حدّ لا يحتاج تفهيم ذلك المعنى به إلى نصب القرينة بل يكون المعنى الأوّل مهجورا عن الأذهان وينسبق إليها المعنى الثاني عند الإطلاق. واتّصاف اللّفظ بكونه موضوعا في الصورتين يكشف عن كون الوضع في الألفاظ أمرا يحصل بالتعيين تارة ، وبكثرة الاستعمال أخرى ، وذلك الأمر نحو علقة وارتباط بين اللفظ والمعنى يحصل بأحد الأمرين ، وعلى ذلك فما ذكر من أنّ الوضع عبارة عن «تعيين اللفظ بازاء المعنى» غير سديد ، فإنّه بهذا التعريف غير قابل للتقسيم إلى التعييني والتعيّني.
أقول : الوضع هو تعيين اللفظ بإزاء معنى ، سواء كان ابتدائيا أو مسبوقا بالاستعمال المجازي ، إذ في الوضع التعيّني تلغى العناية ولحاظ العلاقة في الاستعمال ولو بعد شيوع ذلك الاستعمال لا محالة ، وفي أيّ زمان فرض إلغائها يحصل التعيين. وبتعبير آخر : كما يحصل التعيين بإنشائه ، كذلك يحصل بالاستعمال ، كما صرّح بذلك قدسسره في أوائل البحث في الحقيقة الشرعية ، فيكون إلغاء العناية في الاستعمال بعد تكرّره من التعيين.
وأمّا ما ذكره قدسسره في حقيقة الوضع من كونه نحو اختصاص وارتباط مخصوص بين اللفظ والمعنى ، فإن أراد قدسسره من الارتباط والاختصاص أنس الأذهان من لفظ خاصّ ، بمعنى مخصوص ، بحيث ينتقل الذهن عند سماعه إلى ذلك المعنى فهذا