إشكال ودفع : أمّا الإشكال [١] ، فهو إنّه يلزم بناء على اتحاد الطلب والإرادة ، في تكليف الكفار بالايمان ، بل مطلق أهل العصيان في العمل بالأركان ، إمّا أن لا يكون هناك تكليف جدّي ، إن لم يكن هناك إرادة ، حيث إنّه لا يكون حينئذ طلب حقيقي ، واعتباره في الطلب الجدّي ربما يكون من البديهي ، وإن كان هناك إرادة ، فكيف تتخلف عن المراد؟ ولا تكاد تتخلف ، إذا أراد الله شيئا يقول له : كن فيكون.
______________________________________________________
الصيغة ، كما تقدّم.
ثمّ إنّه قد يراد من الإرادة معنى الطلب ، أي التصدّي لتحصيل الشيء والوصول إليه ، كما يقال لمن يفحص عن ضالّته بالمشي أو بغيره : إنّه يريد ضالّته ، أي يطلبها ، ويقال : يريد الله (عزوجل) من العباد ، يعني يطلب منهم ، إلى غير ذلك. إلّا أنّ الكلام في ظهور الإرادة ومعناها الانسباقي وهو غير الطلب ، لا في جواز استعمال كلّ منهما في الآخر مع القرينة.
بيان مسلك الجبر وشبه الجبر وإبطالهما :
[١] يعني بناء على أنّ الإرادة عين الطلب الحقيقي ، ففي موارد تكليف الكفّار بالإيمان بل في تكليف العصاة بالواجبات وترك المحرّمات إمّا أن لا يكون تكليف جدّي بأن يكون التكليف بالإضافة إليهم صوريا وإنشائيا محضا بأن لا تكون في البين إرادة من الله سبحانه بالإضافة إلى عملهم ، وإمّا أن يلزم تخلّف إرادته تعالى عن مراده فيما إذا كان التكليف جدّيا ، وهذا كما ذكرنا مبنيّ على اتّحاد الطلب الحقيقي والإرادة ، وأمّا بناء على تغايرهما وتعدّدهما خارجا فالتكليف والطلب الحقيقي يثبت في حقّ الكفار والعصاة كما يثبت في حقّ أهل الإيمان والطاعة ، فلا يلزم محذور عدم ثبوت التكليف الجدّي.