.................................................................................................
______________________________________________________
على تقدير إعطاء الله وعدم إنهاء ما بذله ، فيصحّ أن يقول الله (سبحانه) : لا يصدر عنك فعل إلّا بمشيّتي ، وإذا لاحظت مثل هذه الأمور كما إذا أوجد شخص أمرا تكون تمام آلاته ومعدّاته بيد الغير وكانت بإعطائه ، تجد من نفسك أنّه يصحّ للغير أن يقول : أنا أوجدت الأمر وفعلك ذلك كان بمشيّتي ، فكذلك يصحّ أن يقال إنّ أفعال العباد تكون بمشيّة الله (عزوجل) ، وربما يضاف إلى صحّة الإسناد إلى الله (عزوجل) ملاحظة لطفه وتأييده وعنايته (سبحانه) إلى العبد.
في قاعدة «الشيء ما لم يجب لم يوجد» وموردها :
وأمّا الأمر الثاني إنّ ما بنى عليه الماتن قدسسره ـ تبعا لأهل المعقول من «أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد» (١) وأنّ فعل العبد ما لم يكن بالغا حدّ الوجوب لم يتحقّق خارجا ، بدعوى أنّ هذا لازم إمكان الشيء بلا فرق بين الأفعال وغيرها ، ولذلك التزموا بأنّ الإرادة بالمعنى الذي فسّروها به من الشوق المؤكّد علّة للفعل ، وذلك الشوق أيضا يوجد بمبادئه المترتّبة على حسن الذات وسعادتها أو خبثها وشقاوتها ، والسعادة والشقاوة من لوازم الذات لا تحتاج إلى علّة ؛ لأنّها توجد بالعلّة الموجدة لنفس الذات ـ فممّا لا يمكن المساعدة عليه ، إذ لو كان الأمر كما ذكره ، فكون أفعال العباد اختيارية لهم ، مجرد تسمية لا واقع لها ، ولا يكون في البين من حقيقة الاختيار شيء.
كما أنّ ما تقدّم منه قدسسره ، من تعلّق إرادة الله (عزوجل) التكوينية بالأفعال الصادرة عن العباد باختيارهم ، إن كان المراد منه أنّه على تقدير صدور الفعل عن العباد بإرادتهم ، فذلك الفعل متعلق إرادة الله (عزوجل) ، فهذا من قبيل إرادة ما هو
__________________
(١) الأسفار : ١ / ٢٢١ ، الفصل ١٥.