.................................................................................................
______________________________________________________
مؤاخذتهم على ما ارتكبوا من المعاصي ، ولوحظت الآيات الواردة في أمر العاصين بالتوبة والاستغفار وأمر المؤمنين بالاستقامة في الدين ، ولوحظ ما ورد من الآيات من كون العاصين ظالمي أنفسهم ، تجد أنّ إسناد بعض الأفعال إلى الله (سبحانه) ليس بمعنى نفي اختيار العبد فيها ، بل بمعنى أنّ القدرة عليها بمشيّة الله وإرادته ، وربما يلقي (سبحانه) حبّ العمل والشوق إليه في أنفسهم ، فيكون ذلك تأييدا للعبد على الاستقامة ونيل الثواب ، بعد علمه (سبحانه) أنّ العبد يهمّ بالطاعة والاجتناب عن السيّئات ما أمكن.
ويظهر من ذلك بطلان توهّم علّيّة سوء السريرة ، أو حسنها لحصول المبادي التي من قبيل العلّة التامّة لحصول الإرادة ـ يعني الشوق المؤكّد المحرّك للعضلات ـ ، وكذا بطلان توهّم أنّ اختيارية فعل العبد ينافي مسلك التوحيد الأفعالي ، والالتزام بالملك المطلق لله (سبحانه).
إبطال مسلك التفويض :
وأمّا مسلك التفويض المقابل للجبر ، فقد يقال إنّه مبني على مسلك استغناء الممكن في بقائه عن العلة.
ولكن لا يخفى سخافة هذا البناء والمبنى ، وذلك لأنّ بقاء الممكن بلا علّة ، كحدوثه بلا علة في الامتناع ، حيث إنّ اختلاف الأشياء الممكنة في البقاء والزوال ، واختلافها في طول البقاء وقصره ، يكون مستندا إلى أمر لا محالة ، ولو كان مجرّد العلّة لحدوث شيء كافيا في بقائه مع استواء البقاء والزوال بالإضافة إليه لأمكن تحققه كذلك في الآن الأوّل أيضا بعين وجه تحقّقه في الآن الثاني. وبالجملة فما في