إيقاظ : لا يخفى أن ما ذكرناه في صيغة الأمر ، جار في سائر الصيغ الإنشائية [١] ، فكما يكون الداعي إلى إنشاء التمني أو الترجي أو الاستفهام بصيغها ، تارة هو ثبوت هذه الصفات حقيقة ، يكون الداعي غيرها أخرى ، فلا وجه للالتزام بانسلاخ صيغها عنها ، واستعمالها في غيرها ، إذا وقعت في كلامه تعالى ، لاستحالة مثل هذه المعاني في حقه تبارك وتعالى ، ممّا لازمه العجز أو الجهل ، وأنّه
______________________________________________________
الغير ، وأمّا إذا استعملت في غير مقام الطلب ، يكون المستعمل فيه أمرا آخر ، وكون استعمالها في معنى واحد في جميع المقامات ـ مع الاختلاف في الدواعي كما ذكر ـ مبني على كون الإنشاء إيجادا للمعنى باللفظ لا إبرازا للاعتبار الحاصل بالنفس.
أقول : الظاهر عدم الفرق بين القول بأنّ الإنشاء عبارة عن قصد إيجاد عنوان اعتباري بالتلفّظ ، أو أنّه إبراز لأمر اعتباري حاصل من النفس مع قطع النظر عن الإبراز بالتلفّظ ، حيث إنّ اعتبار الفعل على عهدة الغير وإبرازه قد يكون لغرض التصدّي إلى حصول الفعل منه خارجا ، وأخرى لغرض إظهار عجزه عنه أو وهنه وحقارته ، إلى غير ذلك ، هذا وقد تقدّم عدم كون مدلول الصيغة اعتبار الفعل على العهدة.
نعم هذا الاعتبار إذا حصل وأبرز ممّن له ولاية الطلب على الغير فهو يعتبر إيجابا وطلبا منه ، إلّا أنّ الصيغة لم توضع له ، ويشهد له عدم اختلاف معنى الصيغة في موارد استعمال العالي والداني ، وموارد الإيجاب والاستحباب ، على ما تقدّم.
[١] مراده : كما أنّ صيغة الأمر تستعمل في إنشاء الطلب ويكون الاختلاف في الدواعي لإنشائه ، كذلك في التمنّي والترجّي والاستفهام ، فإنّ صيغة كلّ واحدة منها وضعت لإنشاء الترجّي أو غيره ، غاية الأمر تارة يكون الداعي إلى إنشاء الترجّي مثلا ثبوت الترجّي الحقيقي في النفس ، وأخرى يكون الداعي إلى إنشائه حصول طلب الفعل والبعث إليه ، وفي أداة الاستفهام يكون المستعمل فيه إنشاء طلب الفهم ،