المبحث الثاني : في أنّ الصيغة حقيقة في الوجوب [١] ، أو في الندب ، أو فيهما ، أو في المشترك بينهما ، وجوه بل أقوال ، لا يبعد تبادر الوجوب عند استعمالها بلا قرينة ، ويؤيده عدم صحة الاعتذار عن المخالفة باحتمال إرادة
______________________________________________________
وبالجملة الممتنع في حقّ الباري (جلّ وعلا) الثبوت الواقعي للتمنّي أو الترجّي أو الاستفهام لا إظهار ثبوتها لغرض آخر غير ثبوت معانيها الحقيقية المستحيلة في حقّه (تعالى).
دلالة صيغة الأمر على الوجوب :
[١] المراد بالوجوب كما تقدّم إطلاق الطلب ، ويقابله اقتران الطلب واتصافه بثبوت الترخيص في ترك الفعل ، وأمّا حكم العقل بلزوم الإتيان بالمأمور به ، بمعنى استحقاق العقوبة على المخالفة ، فهو يترتّب على وصول الطلب إلى المطلوب منه صغرى وكبرى ، ولكن اتّصاف الطلب بالوجوب والندب إنّما هو قبل ملاحظة الوصول إليه ، كما تقدّم.
والحاصل أنّ إطلاق الطلب أو اتّصافه بثبوت الترخيص في الترك خارجان عن المدلول الوضعي للصيغة وهما وصفان للطلب الصادر عمّن له ولاية الحكم وإذا تمّت مقدّمات الاطلاق في ناحية الطلب ، يكون ظهور الصيغة بملاحظة حال منشأ الطلب ظهورا إطلاقيا في وجوب الفعل ، ومع ثبوت الترخيص ينتفي عنها الظهور في الوجوب ، ويشهد لخروج الوصفين عن المدلول الوضعي للصيغة عدم الفرق في المعنى المتفاهم عرفا من نفس الصيغة بين موردي الوجوب والندب ، وهذا بخلاف ما تقدّم في مادة الأمر ، فإنّها بنفسها دالّة على تعنون الطلب بعنوان الوجوب ، ولذا يصحّ أن نقول ما أمرنا بصلاة الليل وأمرنا بالصلوات اليومية. وبالجملة إطلاق الطلب من العالي يكون وجوبا ،