إن قلت : نعم ، لكنه إذا أخذ قصد الامتثال شرطا ، وأما إذا أخذ شطرا ، فلا محالة نفس الفعل الذي تعلق الوجوب به مع هذا القصد ، يكون متعلقا للوجوب ، إذ المركب ليس إلّا نفس الأجزاء بالأسر ، ويكون تعلقه بكل بعين تعلقه بالكل ، ويصح أن يؤتى به بداعي ذاك الوجوب ، ضرورة صحة الإتيان بأجزاء الواجب بداعي وجوبه.
قلت : مع امتناع اعتباره كذلك ، فإنّه يوجب تعلّق الوجوب بأمر غير اختياري ، فإن الفعل وإن كان بالإرادة اختياريا ، إلّا أن إرادته ـ حيث لا تكون بإرادة أخرى ، وإلّا لتسلسلت ـ ليست باختيارية ، كما لا يخفى. إنّما يصح الإتيان بجزء الواجب بداعي وجوبه في ضمن إتيانه بهذا الداعي ، ولا يكاد يمكن الإتيان بالمركب عن قصد الامتثال ، بداعي امتثال أمره.
______________________________________________________
وأجاب قدسسره عن ذلك بأنّ الأمر المتعلّق بالمقيد لا يكون أمرا بذات المقيد ، حيث إنّ انحلال المقيد إلى الذات والتقييد عقلي ، فإنّ المقيّد بما هو مقيّد له وجود واحد تعلّق به وجوب نفسي واحد.
لكن قد يقال : إنّ عدم تعلّق الأمر بنفس الصلاة مثلا إنّما يصحّ فيما إذا أخذ قصد الامتثال في متعلّق الأمر بنحو القيد والاشتراط ، وأمّا إذا أخذ في متعلّق التكليف جزءا بأن يكون متعلّق الأمر الكلّ المركّب من ذات العمل وقصد امتثال أمره ، كانت نفس الصلاة متعلّقا للأمر الضمني لا محالة ، إذ ليس الكلّ إلّا نفس الأجزاء ، فيمكن للمكلّف الإتيان بنفس الصلاة بداعوية الأمر المتعلّق بها ضمنا.
وأجاب قدسسره عن ذلك بوجهين :
الوجه الأوّل : إنّ الفعل وإن كان بالإرادة والقصد اختياريّا ، إلّا أنّ نفس الإرادة والقصد غير اختياري لعدم كونه بإرادة أخرى وإلّا تسلسل ، فالقصد بما أنّه غير اختياري لا يتعلّق به التكليف ، وعليه فلا يكون قصد الامتثال جزءا من متعلّق الأمر.