إن قلت : نعم ، لكن هذا كلّه إذا كان اعتباره في المأمور به بأمر واحد [١] ، وأمّا إذا كان بأمرين : تعلّق أحدهما بذات الفعل ، وثانيهما بإتيانه بداعي أمره ، فلا محذور أصلا ، كما لا يخفى. فللآمر أن يتوسل بذلك في الوصلة إلى تمام غرضه ومقصده ، بلا منعة.
قلت : ـ مضافا إلى القطع بأنه ليس في العبادات إلّا أمر واحد ، كغيرها من
______________________________________________________
الوجه الثاني : أنّ داعوية الأمر الضمني إلى الإتيان بالجزء إنّما هي في ضمن داعوية الأمر بالكلّ إلى الإتيان بالكلّ ، وفيما نحن فيه لا بدّ من افتراض داعوية الأمر الضمني بالصلاة داعوية مستقلّة ؛ إذ لا يحصل المركّب من قصد الامتثال وغيره ، بقصد امتثال الأمر بذلك المركّب ، فإنّ لازمه أن يتعلّق الأمر بقصد الامتثال نفسه ، ومن الواضح أنّ الأمر يحدث منه الداعوية لا أنّه يتعلّق بداعوية نفسه.
[١] وتقريره أنّ لزوم المحذور من أخذ قصد الامتثال في متعلّق التكليف إنّما هو فيما إذا كان التكليف واحدا وقد أخذ في متعلّقه قصد الامتثال جزءا ، وأمّا إذا كان في البين تكليفان مولويان ، أحدهما يتعلّق بنفس الصلاة ، وثانيهما بالإتيان بها بقصد امتثال الأوّل ، فلا يلزم محذور أصلا ، غاية الأمر تفترق الواجبات التعبدية عن التوصلية ، بأنّ التكليف المولوي في التوصليات واحد يتعلّق بنفس العمل ، وفي التعبديات يثبت في كلّ منها تكليفان يتعلّق أحدهما بذات العمل ، والآخر بالإتيان به بداعوية الأمر الأوّل ، فلا يدعو شيء من التكليفين إلّا إلى الإتيان بمتعلّقة ، لا إلى قصد امتثال نفسه ، كما كان عليه الحال مع فرض وحدة التكليف فان لزوم قصد الامتثال في الأمر لا يكون بتعلق ذلك الأمر بقصد امتثال نفسه.
وأجاب قدسسره عن ذلك : بأنّ من المقطوع به عدم الفرق بين التعبدي والتوصلي بثبوت تكليفين مولويين في الأوّل وتكليف مولوي واحد في الثاني ، هذا أوّلا.